responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار المؤلف : المقريزي    الجزء : 1  صفحة : 304
وآذنوا عمرا بالحرب، فخرج إليه المقوقس، فقال: أسألك ثلاثا، قال: ما هنّ؟ قال:
لا تبذل للروم ما بذلت لي، فإني قد نصحت لهم، فاستغشوني. ولا تنقض القبط، فإنّ النقض لم يأت من قبلهم، وأن تأمر بي إذا متّ فادفني في بخنس، فقال عمرو: هذه أهونهنّ علينا، قال: فخرج عمرو بالمسلمين حين أمكنهم الخروج، وخرج معه جماعة من رؤساء القبط، وقد أصلحوا لهم الطرق، وأقاموا لهم الجسور والأسواق، وصارت لهم القبط أعوانا على ما أرادوا من قتال الروم، وسمعت بذلك الروم فاستعدّت واستجاشت، وقدمت عليهم مراكب من أرض الروم فيها جمع عظيم من الروم بالعدّة والسلاح، فخرج إليهم عمرو من الفسطاط، متوجها إلى الإسكندرية، فلم ير منهم أحدا حتى بلغ مربوط، فلقي فيها طائفة من الروم، فقاتلهم قتالا خفيفا، فهزمهم الله، ومضى عمرو بمن معه حتى لقي جمع الروم بكوم شريك، فاقتتلوا ثلاثة أيام، ثم فتح الله على المسلمين وولي الروم أكتافهم.
ويقال: بل أرسل عمرو بن العاص، شريك بن سميّ في آثارهم، فأدركهم عند الكوم الذي يقال له: كوم شريك، فهزمهم، وكان على مقدّمة عمرو، وعمرو بمربوط، فألجأوه إلى الكوم، فاعتصم به، وأحاطت به الروم، فلما رأى ذلك شريك بن سميّ، أمر أبا ناعمة مالك بن ناعمة الصدفيّ، وهو صاحب الفرس الأشقر الذي يقال له: أشقر صدف، وكان لا يجاري سرعة، فانحط عليهم من الكوم، وطلبته الروم، فلم تدركه حتى أتى عمرا، فأخبره، فأقبل عمرو متوجها، وسمعت به الروم، فانصرفت، ثم التقوا بسلطيس، فاقتتلوا قتالا شديدا، ثم هزمهم الله تعالى، ثم التقوا بالكريون، فاقتتلوا بها بضعة عشر يوما، وكان عبد الله بن عمرو، على المقدّمة، وحامل اللواء يومئذ وردان مولى عمرو، فأصابت عبد الله بن عمرو جراحات كثيرة، فقال: يا وردان لو تقهقرت قليلا نصيب الروم، فقال وردان:
الروم تريد الروح أمامك وليس خلفك، فتقدّم عبد الله، فجاءه رسول أبيه يسأله عن جراحه فقال:
أقول لها إذا جشأت وجاشت ... رويدك تحمدي أو تستريحي
وهذا البيت لعمرو بن الإطنابة، وهو أنّ رجلا من بني النجار كان مجاورا لمعاذ بن النعمان، فقتل، فقال معاذ: لا أقتل به إلا عمرو بن الإطنابة، وهو يومئذ أشرف الخزرج، فقال عمرو:
ألا من مبلغ الأكفاء عني ... وقد تهدي النصيحة للنصيح
بأنكم وما تزجون شطري ... من القول المرغي والصريح
سيقدم بعضكم عجلا عليه ... وما أثر اللسان إلى الجروح
أبت لي عفتي وأبى بلائي ... وأخذي الحمد بالثمن الربيح
وإعطائي على المكروه مالي ... وإقدامي على البطل المشيح

اسم الکتاب : المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار المؤلف : المقريزي    الجزء : 1  صفحة : 304
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست