responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار المؤلف : المقريزي    الجزء : 1  صفحة : 251
وأحسن السيرة وردّ النساء اللاتي غصبن في أيام أبيه على أزواجهنّ، وعمل قبة طولها خمسون ذراعا في عرض مائة ذراع، وركب في جوانبها طيورا من صفر تصفر بأصوات مختلفة مطربة لا تفتر ساعة، وعمل في وسط مدينة أمسوس، منارا عليه رأس إنسان من صفر كلما مضى من النهار أو الليل ساعة صاح صيحة يعلم من سمعها بمضيّ ساعة، وعمل منارا عليه قبة من صفر مذهب، ولطخها بلطوخات، فإذا غربت الشمس في كل ليلة اشتعلت القبة نورا تضيء له مدينة أمسوس طول الليل، حتى يصير مثل النهار لا تطفئها الرياح ولا الأمطار فإذا طلع النهار خمد ضوءها وأهدى لبعض ملوك بابل مدهنا من زبرجد قطره خمسة أشبار.
ويقال: إنه وجد بعد الطوفان، وعمل في الجبل الشرقيّ صنما عظيما قائما على قاعدة وهو مصبوغ مصفر بالذهب ووجهه إلى الشمس يدور معها حتى تغرب، ثم يدور ليلا حتى يحاذي المشرق مع الفجر، فإذا أشرقت الشمس استقبلها بوجهه، وبنى بصحراء الغرب مدنا كثيرة، وأودعها كنوزا عظيمة، ونكح ثلثمائة امرأة ولم يولد له ولد، فإنّ الله تعالى، كان قد أعقم الأرحام لما يريد من إهلاك العالم بالطوفان، ووقع الموت في الناس والبهائم، ولما مات وضع في ناوس بالجبل الشرقيّ، ومعه أمواله وطلسم عليه.
وملك بعده أرمالينوس، فعمل أعمالا عجيبة وبنى مدنا ومصانع جدّد الطلسمات، وكان له ابن عم يسمى: فرعان، وكان جبارا، فأبعده وجعله على جيش ساربه عنه، فقهر ملوكا وقتل أمما عظيمة، وغنم أموالا كثيرة، وعاد فشغفت به امرأة من نساء الملك، وما زالت به حتى اجتمع بها تآلفا، وأقاما على ذلك مدّة، فخافا الملك أن يفطن بهما، فعملت المرأة لأرمالينوس سمّا في شرابه هلك منه.
وملك بعده ابن عمه فرعان بن مشور، فلم ينازعه أحد لشجاعته وسياسته، ولم تطل أعوامه حتى رأى قليمون الكاهن، كأنّ طيورا بيضاء قد نزلت من السماء، وهي تقول: من أراد النجاة فليلحق بصاحب السفينة، وكان عندهم علم بحدوث الطوفان من أيام سوريد وبنائه الأهرام، لأجل ذلك، واتخذ الناس سراديب تحت الأرض مصفحة بالزجاج قد حبست الرياح فيها بتدبير، وعمل منها فرعان لنفسه ولأهله عدّة، فما كذب أن جمع أهله وولده وتلميذه ولحق بنوح عليه السلام، وآمن به وأقام معه حتى ركب في السفينة وجاء الطوفان في أيام فرعان، فأغرق أرض مصر كلها، وخرب عمائرها، وأزال تلك المعالم كلها، وأقام الماء عليها ستة أشهر، ووصل إلى أنصاف الهرمين العظيمين، وسيأتي خبر ذلك إن شاء الله تعالى عند ذكر محن مصر من هذا الكتاب.
ويقال: إنّ فرعان كان عاتيا متجبرا يغصب الأموال والنساء، وأنه كتب إلى الدر مثيل ابن لحويل ببابل يشير عليه بقتل نوح عليه السلام، وأنه استخف بالكهنة والهياكل، ففسدت

اسم الکتاب : المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار المؤلف : المقريزي    الجزء : 1  صفحة : 251
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست