اسم الکتاب : المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار المؤلف : المقريزي الجزء : 1 صفحة : 232
ذكر الجبال
اعلم أنّ أرض مصر بأسرها محصورة بين جبلين آخذين من الجنوب إلى الشمال قليلي الارتفاع، وأحدهما أعظم من الآخر، والأعظم منهما هو الجبل الشرقيّ المعروف بجبل لوقا، والغربيّ جبل صغير، وبعضه غير متصل ببعض والمسافة بينهما تضيق في بعض المواضع وتتسع في بعضها، وأوسع ما يكون بأسفل أرض مصر، وهذان الجبلان أقرعان لا يثبت فيهما نبات، كما يكون في جبال البلدان الأخر، وعلة ذلك: أنهما بورقيان مالحان لأنّ قوّة طين مصر تجذب منهما الرطوبات الموافقة في التكوين، ولأنّ قوّة الحرارة تحلل منهما الجوهر اللطيف العذب، وكذلك مياه الآبار منهما مالحة، وهذان الجبلان يجففان ما يدفن فيهما، فإنّ أرض مصر بالطبع قليلة الأمطار.
وجبل لوقا في مشرق أرض مصر يعوق عنها ريح الصبا، فعدمت مصر هذا الريح، ويعوق أيضا إشراق الشمس على أرض مصر إذا كانت على الأفق وتتعدّد أسماء هذين الجبلين بحسب مواضعهما من الإقليم، فيطلّ على الفسطاط، وعلى القاهرة الجبل المقطم. ذكر الجبل المقطم
اعلم أنّ الجبل المقطم أوّله من الشرق من الصين حيث البحر المحيط، ويمرّ على بلاد الططر حتى يأتي فرغانة إلى جبال اليتم الممتدّ بها نهر السغد إلى أن يصل الجبل إلى جيحون فيقطعه، ويمضي في وسطه بين شعبتين منه وكأنه قطع، ثم في وسطه ويستمرّ الجبل إلى الجورجان، ويأخذ على الطالقان إلى أعمال مروالرود إلى طوس، فيكون جميع مدن طوس فيه، ويتصل به جبال أصبهان وشيراز إلى أن يصل إلى البحر الهندي، وينعطف هذا الجبل ويمتدّ إلى شهر زور فيمرّ على الدجلة، ويتصل بجبل الجوديّ موقف سفينة نوح عليه السلام في الطوفان ولا يزال هذا الجبل مستمرّا من أعمال آمد وميافارقين، حتى يمرّ بثغور حلب فيسمى هناك جبل اللكام «1» ، إلى أن يعدّي الثغور فيسمى نهرا حتى يجاوز حمص فيسمى لبنان، ثم يمتدّ على الشام حتى ينتهي إلى بحر القلزم من جهة، ويتصل من الجهة الأخرى، ويسمى المقطم، ثم يتشعب ويتصل أواخر شعبه بنهاية الغرب.
اسم الکتاب : المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار المؤلف : المقريزي الجزء : 1 صفحة : 232