responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار المؤلف : المقريزي    الجزء : 1  صفحة : 225
وذكر بعض مؤرخي مصر: أنّ هذا الصنم الأخضر الذي وجدت الرمّة فيه لم يزل معلقا عند دار الملك بمدينة مصر إلى سنة إحدى عشرة وستمائة من سني الهجرة.
وكان عند مدينة فرعون، هرمان، وعند ميدوم، هرم، وهذا آخرها.
وفي سنة تسع وسبعين وخمسمائة من سني الهجرة ظهر بتربة بوصير من ناحية الجيزة بيت هرميس، ففتحه القاضي ابن الشهرزوري وأخذ منه أشياء من جملتها كباش، وقرود وضفادع من حجر بازهر، وقوارير من دهنج، وأصنام من نحاس.
وقال ابن خرداذبه: من عجيب البنيان أن الهرمين بمصر، سمك كل واحد منهما أربعمائة ذراع، وكلما ارتفع دق، وهما من رخام ومرمر، والطول أربعمائة ذراع في عرض أربعمائة ذراع مكتوب عليهما: باليد كل سحر وكل عجيب من الطب، ومكتوب عليهما:
إني بنيتهما فمن يدّعي قوّة في ملكه فليهدمهما فإنّ الهدم أيسر من البناء فاعتبر ذلك، فإذا خراج الدنيا لا يفي بهدمهما.
وقال في كتاب عجائب البنيان عن الأهرام: قد انفردت مصر بهذه الأشكال، فليس لها بغيرها تمثال يظنهما الناظر للديار المصرية نهدين، ويحسبهما القابل أن مكارم أهلها قد أعدّتهما للتكرّم ابلوجين تراهما العين على بعد المسافة، وإذا حدثت عن عجائبهما يظنّ أنه حديث خرافة، وقد أكثر الناس في ذكر الأهرام، ووصفها ومساحتها وهي كثيرة العدد جدّا، وكلّها ببرّ الجيزة على سمت مصر القديمة تمتدّ نحوا من مسافة ثلاثة أيام، وفي بوصير منها شيء كثير، وبعضها كبار، وبعضها صغار، وبعضها طين، وبعضها لبن، وأكثرها حجر، وبعضها مدرج وأكثرها مخروط أملس.
وقد كان منها بالجيزة: عدد كثير كلها صغار هدمت في زمن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب على يد الطواشي: بهاء الدين قراقوش، أخذ حجارتها وبنى بها القناطر في الجيزة، وقد بقي من هذه الأهرام المهدومة تلّها.
وأمّا الأهرام المتحدّث عنها فهي: ثلاثة أهرام موضوعة على خط مستقيم بالجيزة قبالة الفسطاط، وبينها مسافات كثيرة وزوايا متقابلة نحو الشرق، واثنان عظيمان جدّا في قدر واحد، وهما متقاربان ومبنيان بالحجارة البيض، وأما الثالث: فصغير عنهما نحو الربع لكنه مبنيّ بحجارة الصوّان الأحمر المنقط الشديد القوّة والصلابة، ولا يكاد يؤثر فيه الحديد إلا في الزمان الطويل، وتجده صغيرا بالقياس إلى ذينك فإذا أتيت إليه وأفردته بالنظر هالك مرآه وحيّر النظر في تأمله!.
وقد سلك في بناء الأهرام، طريق عجيب من الشكل والإتقان، ولذلك صبرت على ممرّ الأيام لا بل على ممرّها صبر الزمان، فإنك إذا تأملتها وجدت الأذهان الشريفة قد

اسم الکتاب : المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار المؤلف : المقريزي    الجزء : 1  صفحة : 225
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست