اسم الکتاب : المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار المؤلف : المقريزي الجزء : 1 صفحة : 192
وجوه، وتجرّف حتى تتمهد، ثم تبرش ستة وجوه أخرى وتجرّف، ومعنى البرش: الحرث.
فإذا صلحت الأرض وطابت ونعمت وصارت ترابا ناعما، وتساوت بالتحريف شقت حينئذ بالمقلقلات ويرمي فيها القصب قطعتين، قطعة مثناة، وقطعة مفردة بعد أن تجعل الأرض أحواضا وتفرز لها جداول يصل الماء إلى الأحواض، ويكون طول كل قطعة من القصب ثلاثة أنابيب كوامل، وبعض أنبوبة من أعلى القطعة وبعض أخرى من أسفلها، ويختار ما قصرت أنابيبه وكثرت كعوبه من القصب ويقال لهذا الفعل: النصب، فإذا كمل نصب القصب أعيد التراب عليه، ولا بدّ في النصب أن تكون القطعة ملقاة لا قائمة، ثم يسقي من حين نصبه في أوّل فصل الربيع لكل سبعة أيام مرّة فإذا أنبت القصب، وصار أوراقا ظاهرة نبتت معه الحلفاء والبقلة الحمقاء التي يسميها أهل مصر، الرجلة، فعند ذلك تعزق أرضه، ومعنى العزاق: أن تنكش أرض القصب، وينظف ما نبت مع القصب ولا يزال يتعاهد ذلك حتى يغزر القصب ويقوى ويتكاثف، فيقال عند ذلك: طرد القصب عزاقه فإنه لا يمكن عزاق الأرض، ولا يكون هذا حتى يبرز الأنبوب منه، ومجموع ما يسقي بالقادوس ثمانية وعشرون ماء، والعادة أن الذي ينصب من الأقصاب على كل مجال بحرانيّ أي مجاور للبحر إذا كانت مزاحة الغلة بالأبقار الجياد مع قرب رشا الآبار ثمانية أفدنة، ويحتاج إلى ثمانية أرؤس بقر، فإن كانت الآبار بعيدة عن مجرى النيل لا يمكن حينئذ أن يقوم المجال بأكثر من ستة أفدنة إلى أربعة، فإذا طلع النيل وارتفع سقى القصب عند ذلك ماء الراحة.
وصفة ذلك أن يقطع عليه من جانب جسر يكون قد أدير عليه ليقيه من الغرق عند ارتفاع النيل بالزيادة فيدخل الماء من ثلمه في ذلك الجسر حتى يعلو على أرض القصب نحو شبر ثم يسدّ عنه الماء حتى لا يصل إليه، ويترك الماء فوق الأرض قدر ساعتين أو ثلاث إلى أن يسجن، ثم يصرف من جانب آخر حتى ينضب كله ويجدّد عليه ماء آخر كذلك فيتعاهد ما ذكرنا مرارا في أيام متفرّقة بقدر معلوم، ثم يفطم بعد ذلك فإذا عمل ما قلناه وفي القصب حقه، فإن نقص عن ذلك حصل فيه الخلل، ولا بدّ للقصب من القطران قبل أن يحلو حتى لا يسوّس، ويكسر القصب في كيهك ولا بدّ من حرق آثار القصب بالنار ثم سقيه وعزقه كما تقدّم، فينبت قصبا يقال له: الخلفة، ويسمى الأوّل: الرأس، وقنود الخلفة أجود غالبا من قنود الرأس، ووقت إدراك الرأس في طوبة، والخلفة في نصف هتور، وغاية إدارة معاصر القصب إلى النوروز، ويحصل من الفدّان، ما بين أربعين أبلوجة قند إلى ثمانين أبلوجة، والأبلوجة تسع قنطارا فما حوله.
ويزرع القلقاس مع القصب، ولكل فدّان عشرة قناطير قلقاس جروية ويدرك في هتور.
ويزرع الباذنجان في برمهات وبرموده وبشنس وبؤونة ويدرك من بؤونة إلى مسرى.
وتزرع النيلة من بشنس، والزريعة للفدّان ويبة ويدرك من أبيب.
اسم الکتاب : المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار المؤلف : المقريزي الجزء : 1 صفحة : 192