اسم الکتاب : المسالك والممالك المؤلف : البكري، أبو عبيد الجزء : 1 صفحة : 99
عزّ وجلّ إلى الجبل فطال في السماء حتّى ما تناله الطير، وبكى الفصيل حتّى سالت دموعه. ثمّ استقبل القوم فرغا ثلاثا وقيل إنّه لحقه بعضهم فعقره فقال صالح: لكلّ رغوة أجل يوم تمتّعوا في داركم ثلاثة أيّام، ذلك وعد غير مكذوب. قال لهم: وآية ذلك أن تصبح وجوهكم مصفرّة وفي اليوم الثاني محمرّة وفي الثالث مسودّة. فلمّا رأوا صدق قوله في اليوم الأوّل همّ بعضهم بقتل صالح وقالوا: إن كان صادقا عاجلناه، وإن كان كاذبا جزيناه بكذبه.
فأتوا ليلا فحالت الملائكة بينهم وبينه ومنعه الله منهم. ثمّ لمّا رأوا صدق ما أنذرهم به في اليوم الثاني والثالث تحنّطوا في الثالث وتكفّنوا وصاحوا وضجّوا وبكوا وانتحبوا، فجعلوا يقلّبون أبصارهم إلى السماء مرّة وإلى الأرض مرّة لا يدرون من أين يأتيهم العذاب. فصبحهم في اليوم الرابع وهو يوم الأحد صيحة من السماء، فتقطّعت قلوبهم في صدورهم، فأصبحوا في ديارهم جاثمين «1» . عقروا الناقة يوم الأربعاء وصبحهم العذاب نهار الأحد.
105 قال غيره: وخرج عنهم صالح بمن آمن معه ليلة الأحد، فنزل موضع مدينة الرملة من بلاد فلسطين. وقال حباب [بن] عمرو، وكان ممّن آمن مع صالح [بسيط] :
كانت ثمود ذوي عزّ ومكرمة ... ما إن يضام لها «2» في الناس من جار
فأهلكوا ناقة كانت لربّهم ... قد أنذروها وكانوا غير أبرار
106 وروي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنّ الله عزّ وجلّ أهلكهم بتلك الصيحة أجمعين إلّا رجلا واحدا وهو أبو رغال، كان في حرم الله فمنعه من العذاب. وقد نهى
اسم الکتاب : المسالك والممالك المؤلف : البكري، أبو عبيد الجزء : 1 صفحة : 99