اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 612
تحُدِثَ بها زماناً وما زال أهل اشبيلية يعتزون مما اتفق فيها فيخرجون متى ألم عدو بجهاتهم فيرجعون إلى أنحس حالة وأكثرهم أسير أو قتيل. واسللت[1] :
جبل عظيم طوله يومان، وبينه وبين القيروان خمسة عشر ميلاً، وفيه عمارات ومياه جارية وفيه حصون كثيرة عامرة لأهلها مواش وأبقار وأغنام، ورجال العرب متغلبون على سهول هذه الأرض.
وشقة [2] :
مدينة حصينة بالأندلس لها سوران من حجر بينها وبين سرقسطة خمسون ميَلاً، ووشقة مدينة حسنة متحضرة ذات متاجر وأسواق عامرة وصنائع قائمة، وأحوازها تتصل بأحواز بربطانية، ومشقة بشرقي مدينة سرقسطة، وهي مدينة كبيرة أولية قديمة رائقة البنيان، قد اتقن سورها أتم اتقان، وبها أزيد من ستين مسجداً، وهي على نهر يشق مدينتها ويجري في حمّامين من حمّاماتها وتسقى بفضلة مائه بساتين، وهي كريمة التربة، ويحيط بها من جنباتها جنات مغروسة وحدائق من الثمار ملتفة، وهي مخصوصة بطيب الكمثرى والزعرور، وحاصر المسلمون مدينة وشقة منذ فتح الأندلس حصاراً طويلاً حتى بنوا عليها المساكن وغرسها الغروس وحرثوا لمعايشهم، واتصل ذلك من فعلهم سبعة أعوام، والنصارى في القصبة القديمة محصورون، فلما طال عليهم الحصار استأمنوا لأنفسهم وذراريهم، فمن دخل في الإسلام ملك نفسه وماله وحرمته، ومن أقام على النصرانية أدى الجزية فليس بوشقة من أهلها المتأصلين رجل ينتهي في أصل صحيح من العرب
وشكة [3] :
مدينة بثغر سرقسطة، منها أبو عبد الله محمد بن أحمد الوشكي سكن مرسية وعاشر صفوان صاحب " زاد المسافر ([4]) " وبينهما مراسلات ومن شعره:
لست أهوى الخد إلا ... مثل ماء دون طحلب
والذي تلقاه يهوى ... ذاك كالهائم يطلب وله:
إن عضَّك الدهر بأنيابه ... فاصبر عسى ينزع عن عضه
ودار من تبصره مبغضاً ... فربما يضجر من بغضه
وهران [5] :
بالمغرب على ساحل البحر، قيل إنها أسست في سنة تسعين ومائتين، وبناها جماعة من الاْندلسيين البحريين بسبب المرسى، للفتنة مع قبائل البربر المجاورين لها، فسكنوها مع قبيل من البربر نحو سبعة أعوام، ثم زحف إليهم قبائل كثيرة من البربر الطالبين للثأر الذي بينهم وبين القبيل الذين مكثوا معهم من البربر، ونصبوا الحرب، فهرب البربر الساكنون بها، وتغلب البربر المحاصرون عليها وأخرجوا من كان فيها وأضرموها ناراً، فخربت وهران عند ذلك وبقيت سنين خربة، ثم تراجع الناس إليها وبنوها فعادت إلى أحسن مما كانت عليه. وهي مدينة كثيرة البساتين والثمار، ولها ماء سائح من عيون وأنهار وأرحاء كثيرة، وهي من غرّ البلاد، ولها نظر كبير فيه قرى كثيرة وآثار قديمة، وأهلها موصوفون بعظم الخلق وكمال القامة والأيد والشدّة، يكون الرجل الكامل من غيرهم إلى منكب الرجل منهم، واقتطع رجل منهم ألف طلحة [6] وحملها على ظهره يقيم بها بيتاً يسكنه، ولوهران مرسى كبير للسفن يكنّ من كل ريح لأنه في جون جبل مطل على وهران مرتفع.
وعلى وهران [7] سور تراب متقن، وبها أسواق وصنائع كثيرة [1] الإدريسي (د/ ب) : 119/ 87؛ ص ع: وسلات، وفي بعض أصول نزهة المشتاق: واسلات، وكذلك أثبته بيريس. [2] بروفنسال: 194، والترجمة: 236 (Huesca) . [3] بروفنسال: 195، والترجمة: 237 (Huesca) ، ولا فرق بين هذه والسابقة. [4] أبو البحر صفوان بن إدريس التجيبي المرسي (- 598) ؛ انظر ترجمته في مقدمة ((زاد المسافر)) ، تحقيق عبد القادر محداد (بيروت 1939، 197) . [5] متابع للاستبصار: 133، وهو تلخيص لما أورده البكري: 70 - 71. [6] الاستبصار والبكري: كلخة. [7] الإدريسي (د/ ب) : 84.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 612