اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 575
وأنمار وربيعة ليحكم بينهم في قسمة ميراث أبيهم، وهي قصة مشهورة. النجف:
بالعراق بظهر الكوفة، وهو البساتين والمتنزهات التي يشرف الخورنق عليها، وذكر صاحب المنطق أن موضع البر قد يكون بحراً وموضع البحر قد يكون براً، قال: وللمواضع شباب وهرم وحياة وموت كما في الحيوان، وقد كان البحر فيما سلف في الموضع المعروف بالنجف، وهو بالحيرة، وكانت ترفأ هناك سفن الهند والصين، ترد على ملوك الحيرة فصار بين الحيرة وبين البحر الآن مسيرة أيام كثيرة، ومن رأى النجف وأشرف عليه تبين ما وصفنا. وبالنجف[1] نزل خالد بن الوليد في سلطان أبي بكر رضي الله عنهما بعد أن فتح الله اليمامة، وقتل كذابها يريد الحيرة، فتحصن منه أهلها في القصر الأبيض، فلما نزل خالد رضي الله عنه بالنجف بعث إليهم أن ابعثوا إلي رجلاً من عقلائكم، فبعثوا إليه عبد المسيح بن عمرو بن بقيلة الغساني وبقيلة هو الذي بنى القصر الأبيض، ودعي بقيلة لأنه خرج يوماً وعليه ثياب خضر، فقال له قومه: ما هذا إلا بقيلة، وعبد المسيح هذا هو الذي رأى سطيحاً وسأله عن رؤيا الموبذان وارتجاج الأبوان فأتى عبد المسيح خالداً وله يومئذ ثلثمائة سنة وخمسون، فتجاهل عبد المسيح وأحب أن يريه من نفسه ما يعرف به عمله، فقال له: من أين أقصى أثرك؟ قال: من صلب أبي، قال: فمن أين جئت؟ قال: من بطن أمي، قال: فعلام أنت ويحك؟ قال: على الأرض، قال: أتعقل؟ قال: أي والله وأقيد، ... الخبر بطوله، وقد مر في حرف الحاء. وكان خالد قال لعبد المسيح: ما أدركت؟ قال: أدركت سفن البحر ترفأ إلينا في هذا النجف بمتاع الهند والصين، وأمواج البحر تضرب ما تحت قدمك، وقال: رأيت المرأة من أهل الحيرة تأخذ مكتلها فتضعه على رأسها لا تزود إلا رغيفاً، فلا تزال في قرى عامرة وعمائر متصلة وأشجار مثمرة ومياه عذبة حتى ترد الشام، ونراها اليوم قد أصبحت يباباً، وذلك دأب الله تعالى في العباد والبلاد.
وحكي أن أبا جعفر المنصور وجه في إشخاص جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي رضى الله عنهم من المدينة إلى العراق، فلما سار إلى النجف توضأ للصلاة ثم قال: اللهم بك أستفتح وبك أستنجح، سهل لي حزونته ولين لي عريكته، وأعطني من الخير ما أرجو، وادرأ عنى من الشر ما أخاف وأحذر، فلما دخل عليه قام إليه وأكرمه وبره وغلفه بيده وأصرفه إلى منزله وإنما كان أشخصه ليقتله رضي الله عنه.
نجيرم [2] :
بلد من بلاد سيراف منها أبو يعقوب النجيرمي وبينهما ثلاثة عشر فرسخاً.
النجير [3] :
هي حضرموت وأنشدوا للأعشى:
وأبتذل العيس المراقيل تغتلي ... مسافة ما بين النجير فصرخدا وقيل هو حصن في اليمن، فيه تحصن الأشعث بن قيس بن معدي كرب ومن ارتد معه، فقال له من نصحه [4] : أنشدك الله يا أشعث ووفادتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإسلامه أن تنقضه اليوم، والله ليقومن بهذا الأمر من يقتل من خالفه، وإياك إياك، أبق على نفسك، فإنك إن تقدمت تقدم الناس، وإن تأخرت افترقوا واختلفوا، فأبى الأشعث وقال: قد رجعت العرب إلى ما كانت الآباء تعبد، ونحن أقصى العرب داراً من أبي بكر، فكيف يبعث إلينا الجيوش، قال: أي والله وأحرى ألا يدعك عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم ترجع إلى الكفر، يعني زياد بن لبيد الأنصاري، وكان النبي صلى الله عليه وسلم بعثه إليهم فتضاحك ثم قال: أما يرضى زياد أن أجيره، فقال له: سترى، ثم قام الأشعث فخرج من المسجد إلى منزله وقد أظهر ما أظهر من الكلام القبيح من غير أن يكون نطق بالردة، ووقف [5] يتربص وانحاز بأصحابه إلى حصن النجير فأغلقوه، فحاصره المسلمون لا يفارقونه ليلاً ولا نهاراً، وقذف الله الرعب في قلوبهم، فلما اشتد عليهم الحصار بعث إلى زياد بن [1] راجع مادة الحيرة. [2] انظر ياقوت (نجيرم) ، والنجيرمي المذكور هو أبو يعقوب يوسف بن يعقوب اللغوي البصري نزيل مصر (- 423) ؛ انظر ترجمته في ابن خلكان 7: 75 ومصادر أخرى مذكورة في الحاشية. [3] أول المادة عن معجم ما استعجم 4: 1299 ثم تجيء المادة التاريخية، انظر الطبري 1: 2006 وما بعدها. [4] عن الاكتفاء (تاريخ الردة) : 161. [5] انتقل إلى النقل عن الصفحة: 166 - 169.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 575