اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 567
لعل أمير المؤمنين يسوءه ... تنادمنا في الجوسق المتهدم فبلغ شعره عمر رضي الله عنه فقال: نعم والله إن ذلك ليسوءني، فمن لقيه فليخبره أني قد عزلته.
ومن ميسان كان يسار والد الحسن بن أبي الحسن البصري، وولد الحسن مملوكاً، ومات سنة عشر ومائة، ولم يشهد ابن سيرين جنازته لشيء كان بينهما، وأمه خيرة مولاة أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت خيرة ربما غابت فيبكي، فتعطيه أم سلمة رضي الله عنها ثديها تعلله به إلى أن تجيء أمه، فدر عليه ثديها، فيرون أن تلك الحكمة والفصاحة من بركة ذلك.
ميافارقين [1] :
بلد معروف من أرض أرمينية، بين حدود الجزيرة وحدود أرمينية، وبعض الناس يعدها من أرمينية، وبعضهم يعدها من بلاد الجزيرة، وهو في شرقي دجلة على مرحلتين منها، والمعارف المصنوعة بميافارقين لا نظير لها ولا يعدلها مثلها صنعة.
وبينها وبين آمد خمسة فراسخ، وهي منيعة مسورة حصينة وليست بالكبيرة، وهي كثيرة الناس، والبساتين تسقى من الآبار ومن أعين غير غزار، وداخل مدينتها عين ماء.
وفتحها عياض بن غنم على مثل صلح الرها، وهي في حضيض من جبل، تصنع بها التكك والمناديل العراض والسبنيات، وقال أبو طالب العلوي:
ولما ابيض شعر الرأس مني ... ودعت وقلت مياً فارقينا
فمالي والتصابي بعد شيبي ... ولو أعطيت ميافارقينا وقال بعض الظرفاء: سميت ميافارقين لأن ذا الرمة أو غيره من العشاق، لو وصل إلى هذه المدينة بالاتفاق، وشاهد وجوه أهلها الملاح، والعيون السقيمة الصحاح، وعاين رشاقة القدود، ولباقة الخدود، وسواد الطرر، وبياض العرر، وسمرة الشفاه اللعس، وحمرة الوجنات والجباه الملس، لقال لصاحبته: مي فارقيني ولا ترافقيني، فلا يجوز التيمم مع وجود الماء، ولا حاجة إلى الدواء بعد البرء والشفاء.
ميورقة [2] :
هي جزيرة في البحر الزقاقي، تسامتها من القبلة بجاية من بر العدوة، بينهما ثلاثة مجار، ومن الجوف برشلونة من بلاد أرغون، وبينهما مجرى واحد، ومن الشرق إحدى جزيرتيها منرقة، وبينهما مجرى في البحر طوله أربعون ميلاً، وشرقي ميورقة هذه جزيرة سردانية، بينهما في البحر مجريان، وغربيها جزيرة يابسة، بينهما مجرى في البحر طوله سبعون ميلاً، وغربي يابسة مدينة دانية من بر الأندلس بينهما في البحر سبعون ميلاً. وميورقة أم هاتين الجزيرتين وهما بنتاها، وإليها مع الأيام خراجهما. وطول ميورقة من الغرب إلى الشرق سبعون ميلاً، وعرضها من القبلة إلى الجوف خمسون ميلاً.
فتحها المسلمون سنة تسعين ومائتين إلى أن تغلب عليها العدو البرشلوني وخربها سنة ثمان وخمسمائة، وهي المرة الأولى، ودخل المدينة فلم يجد سوى العيال والأطفال والشيخ الفاني، فلحسابهم أحالوا السيف عليهم، فلما قضى وطره من هذه الجزيرة أسرع الرجوع إلى بلاده. ثم اختلفت عليها ولاة ابن تاشفين، ثم وليها محمد بن علي بن غانية المسوفي، وهو أول ولاة بني غانية ثم تعاقبوا على ولايتها إلى أن كان آخرهم عبد الله بن إسحاق، فوجه إليه الملك الناصر محمد بن يعقوب المنصور بن يوسف بن عبد المؤمن السيد أبا العلا ادريس بن يوسف بن عبد المؤمن والشيخ أبا سعيد بن أبي حفص،، فاجتمعا بدانية فعرض كل واحد منهما من أسند إليه، فكان الفريقان ألفي فارس ومائتي فارس والرماة سبعمائة والرجالة خمسة عشر ألفاً، غير غزاة القطع، وكان الأسطول ثلثمائة جفن منها سبعون غراباً وثلاثون طريدة وخمسون مركباً كباراً وسائرها قوارب منوعة، وأما العدد والسلاح والمجانيق والسلالم والمساحي والفؤوس والمعاول والرقائق والحبال فشيء لا يأخذه عدد، وكذلك الدروع والسيوف والرماح والبيضات والأتراس والدرق والقسي وصناديق [1] نزهة المشتاق: 267، وذكرها الإدريسي عند الحديث عن مدن الجزيرة (الورقة: 200) فقال: وميافارقين من أرض أرمينية وقوم يعدونها من أعمال الجزيرة، وهي من شرقي دجلة على مرحلتين منها، وهي مدينة حصينة في حضيض جبل ويعمل بها من التكك كل حسنة تضاهب التكك التي تصنع بسلماس وربما كانت تفوقها في الجودة وتصنع بها المناديل العراض والسبنيات؛ وانظر ابن حوقل: 202، والمقدسي: 140، وياقوت (ميافارقين) ، وابن الوردي: 28. [2] بروفنسال: 118، والترجمة: 228 (Mallorca) .
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 567