responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم    الجزء : 1  صفحة : 565
المراكب المسمرة بالحديد إلا اجتذبها إليه وأمسكه فلا يكاد يتخلص منه البتة.
مؤتة [1] :
قرية بالشام، بعث إليها رسول الله الجيش سنة ثمان، عليهم زيد بن حارثة وقال: " إن أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب على الناس، وإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة. وخرجوا في ثلاثة آلاف، وودعهم المسلمون فقالوا لهم: صحبكم الله ودفع عنكم وردكم إلينا صالحين، فقال عبد الله بن رواحة رضي الله عنه:
لكنني أسأل الرحمن مغفرة ... وضربة ذات فرغ تقذف الزبدا
أو طعنة بيدي حران مجهزة ... بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا
حتى يقال إذا مروا على جدثي ... أرشده الله من غاز وقد رشدا ومضوا حتى نزلوا معان من أرض الشام، فبلغ الناس أن هرقل قد نزل مآب من أرض البلقاء في مائة ألف من الروم، وانضم إليهم من لخم وجذام والقين وبهراء وبلي مائة ألف منهم، فأقام الناس ليلتين على معان ينظرون في أمرهم، وقالوا: نكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنخبره بعدد عدونا، فإما أن يمدنا بالرجال وإما أن يأمرنا بأمر فنمضي له، فشجع الناس عبد الله بن رواحة وقال: يا قوم والله إن الذي تكرهون للذي خرجتم تطلبون، الشهادة، وما يقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة، وما نقابلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين، إما ظهور وإما شهادة، فقال الناس: قد والله صدق ابن رواحة، فمضى الناس حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء لقيتهم جموع هرقل والروم والعرب بقرية من قرى البلقاء يقال لها مشارف، ثم دنا العدو وانحاز المسلمون إلى قرية يقال لها مؤتة، فالتقى الناس عندها، فتعبى لهم المسلمون ثم التقوا فاقتتلوا، فقاتل زيد بن حارثة رضي الله عنه براية رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى شاط في رماح القوم، ثم أخذها جعفر رضي الله عنه فقاتل بها حتى إذا ألحمه القتال اقتحم عن فرس له شقراء، قال المخبر: والله كأني أنظر إليه حين اقتحم عنها ثم عقرها ثم قاتل القوم حتى قتل، وهو يقول:
يا حبذا الجنة واقترابها ... طيبة وبارداً شرابها ... والروم روم قد دنا عذابها ... علي إذ لاقيتها ضرابها ... وكان جعفر رضي الله عنه أول من عقر في الإسلام، ووجد في مقدمه مائتا ضربة بسيف وطعنة برمح واثنتان وسبعون جراحة، ولما قتل جعفر رضي الله عنه أخذ الراية عبد الله بن رواحة رضي الله عنه ثم تقدم بها وهو على فرسه، فجعل يستنزل نفسه ويتردد، ثم قال:
أقسمت بالله لتنزلنه ... لتنزلن أو لتكرهنه ... أن اجلب الناس وشدوا الرنه ... مالي أراك تكرهين الجنه ... قد طال ما قد كنت مطمئنه ... هل أنت إلا نطفة في شنه ... وقال أيضا:
يا نفس إلا تقتلي تموتي ... هذا حمام الموت قد صليت ... وما تمنيت فقد أعطيت ... إن تفعلي فعلهما هديت ... يعني صاحبيه زيداً وجعفراً رضي الله عنهما، ثم نزل فأتاه ابن عم له بعرق من لحم فقال: شد بهذا صلبك فإنك قد لقيت أيامك هذه ما لقيت، فأخذه من يده فانتهش منه نهشة ثم سمع الحطمة في ناحية الناس فقال: وأنت في الدنيا، ثم ألقاه من يده وأخذ سيفه وتقدم فقاتل حتى قتل، ثم أخذ الراية ثابت بن أرقم أحد بني العجلان، فقال: يا معشر المسلمين، اصطلحوا على رجل منكم، فاصطلحوا على خالد بن الوليد رضي الله عنه، فلما أخذ الراية دافع القوم وحاشى بهم، ثم انحاز وانحيز عنه حتى انصرف بالناس،

[1] السيرة 2: 373 وما بعدها.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم    الجزء : 1  صفحة : 565
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست