اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 564
كان يتعبد فيه، ويطيف بهذا كله شمع كأنه جذوع النخل عظماً، فيخرج الناس إلى هذا الرباط ليلة كل جمعة ويتعبدون، وقريب من هذا الرباط خراب عظيم يقال إنه كان مدينة نينوى، مدينة يونس عليه السلام، وأثر السور المحيط بهذه المدينة ظاهر، وفرج الأبواب فيه بينة، وأكوام أبراجه مشرفة. وأهل الموصل على طريقة حسنة ومروة [1] ، لا تلقى منهم إلا ذا وجه طلق، ولهم بر بالغرباء وإقبال عليهم، وعندهم اعتدال في جميع معاملاتهم.
وكان جرجيس [2] من الأنبياء الذين كانوا في الفترة بين عيسى ومحمد عليهما أفضل الصلاة والسلام، من أهل فلسطين، بعثه الله تعالى إلى ملك الموصل يدعوه إلى الإسلام فقتله بالعذاب مرات وأحياه الله عز وجل آية لهم وعبرة، ونشره قطعاً ورماه إلى الأسد الضارية فخضعت الأسد برؤوسها، وظل يومه كذلك، فلما أدركه الليل جمع الله تعالى أوصاله ورد روحه، ثم أقبل عليهم اليوم الثاني يعظهم ويغلظ عليهم، فلما استمروا في عتوهم وكفرهم بعث الله تعالى عليهم ناراً فأحرقتهم عن آخرهم.
وصورة افتتاح الموصل فيما حكاه البلاذري [3] أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولى عتبة بن فرقد السلمي الموصل في سنة عشرين، فسار إليها فقاتله أهل نينوى، فأخذ حصنها وهو الشرقي من دجلة عنوة، وعبر دجلة فصالحه أهل الحصن الآخر على الجزية والأذن لمن أراد الجلاء، ثم فتح بلاداً، ثم عزله عمر رضي الله عنه عن الموصل وولاها هرثمة بن عرفجة البارقي، وكان بها في الجانب الغربي حصن وبيع للنصارى ومنازل ومحلة لليهود، فمصرها هرثمة وأنزل العرب بها.
وقد روى الهيثم بن عدي أن عياض بن غنم أتى الموصل ففتح الحصن الغربي والله أعلم.
وكان عمر رضي الله عنه وجه هرثمة بن عرفجة البارقي إليها بعد عتبة بن فرقد السلمي فأنزل العرب بها منازلهم واختط لهم، ثم بنى المسجد الجامع.
وقالوا: كان الذي فرش الموصل بالحجارة ابن تليد صاحب شرطة محمد بن مروان بن الحكم، وكان محمد ولي الموصل والجزيرة وأرمينية وأذربيجان، ويقال إن عبد الملك بن مروان ولى ابنه سعيداً صاحب نهر الموصل فبنى سعيد سوق الموصل، فهدمه الرشيد حين خالفوا، وفرشها بالحجارة حين اجتاز بها. وللموصل كور وأنظار وأعمال كثيرة، والذي ارتفع [4] في خراج الموصل مع الإحسانات سوى الضياع من الرزق ستة آلاف ألف وثلثمائة ألف.
وإبراهيم الموصلي وابنه إسحاق ينسبان إليها، وناهيك بهما نبلاً وعلماً ومعارف وشهرة. المولتان[5] :
ثغر من ثغور المسلمين مما يلي بلاد السند، وهو أبداً يحارب صاحب قشمير ملكاً من ملوك السند، وكان صاحبها من ولد سامة بن لؤي، وهو ذو جيوش ومنعة، وأكثر ماله من الصنم المعروف بالمولتان، يقصده السند والهند من أقصى بلدانهم بنذور الأموال وأنواع الجواهر والطيب، ويحج إليه الألوف، ويحمل إليه من العود القماري الذي يؤثر فيه الختم كما يؤثر في الشمع، يبلغ ثمن المن منه مائتي دينار. وهو إذا عجز عن مقاومة من ناوأه منهم هدده بكسر الصنم فيكف عنه.
مورور [6] :
كور مورور متصلة بأحواز قرمونة من جزيرة الأندلس، وهي في الغرب والجوف من كورة شذونة، وأحوازها متصلة بأحوازها، وهي من قرطبة بين القبلة والمغرب. ومدينة قلب [7] قاعدة مورور ودار الولاة بها، وكانت جباية كورة مورور أيام الحكم بن هشام بن عبد الرحمن أحداً وعشرين ألف دينار.
موريقس [8] :
جبل معترض بقرب زالغ من أرض الحبش، وليس بكثير العلو ولكنه يعلو على وجه الماء مرة ويغيب في مواضع أخرى يستره الماء، ولكنه يتصل في ذاته، ولا يمر بهذا الجبل شيء من [1] ص: برده؛ ع: مردة؛ ولم ترد هذه اللفظة في رحلة ابن جبير. [2] انظر الطبري 1: 795. [3] فتوح البلدان: 407. [4] انظر قطعة الخراج لقدامة الملحقة بابن خرداذبه: 246. [5]المولتان هي الملتان نفسها، وقد مرت من قبل، وذكرنا ثبتاً بالمصادر عنها؛ والنص هنا عن مروج الذهب 1: 375 - 376. [6] بروفنسال: 188، والترجمة: 228 (Moron de la Frontera) . [7] راجع مادة ((قلب)) في ما تقدم. [8] OG: 50؛ ص ع: مورقين.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 564