اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 545
ملطية [1] :
من الثغور الجزرية بالشام، وهي المدينة العظمى وكانت قديمة، فأخربتها الروم فبناها أبو جعفر المنصور سنة تسع وثلاثين ومائة وحصل عليها سوراً محكماً، وعلى نحو ثلاثة أيام من ملطية يخرج سيحان وهو نهر أذنة من الثغر الشامي ويجري في بلاد الروم وليس للمسلمين عليه إلا مدينة أذنة بين طرسوس والمصيصة. وكان فتح ملطية عنوة حبيب بن مسلمة الفهري، وجهه إليها عياض بن غنم من سميساط، ففتحها ورتب فيها رابطة من المسلمين، ثم شحنها معاوية، فكانت في طريق الصوائف، ثم انتقل عنها أهلها أيام ابن الزبير فقصدها الروم ثم تركتها فنزلها قوم من الأرمن والنبط ثم أناخ الروم عليها، فلما كانت سنة ثلاث وثلاثين ومائة [2] قصدها الطاغية، والجزيرة يومئذ مفتونة فأناخ عليها، فلما جهد أهلها سألوه الأمان فوثق لهم، فرحلوا وحملوا ما تيسر لهم وألقوا كثيراً مما ثقل عليهم في الآبار والمجاري، ثم خرجوا وشيعهم الروم حتى بلغوا مأمنهم، وتوجهوا نحو الجزيرة، وهدم الروم ملطية، فلم تزل كذلك حتى وجه أبو جعفر المنصور عبد الوهاب بن إبراهيم الإمام على الجزيرة وثغورها، ومعه الحسن بن قحطبة، ومعهم سبعون ألفاً، فعسكروا على ملطية وأتموا بناءها، وكان للحسن في ذلك أثر جميل، وبنى مسجدها وبنى للجند الساكنين بها لكل عرافة بيتين سفليين وغرفتين فوقهما وإصطبلاً، والعرافة عشرة نفر إلى خمسة عشر رجلاً، وبناها مسلحة على ثلاثين ميلاً منها، ومسلحة على نهر يدعى ثاقب يدفع في الفرات، ورتب المنصور فيها أربعة آلاف مقاتل من أهل الجزيرة، وزاد في أعطياتهم عشرة دنانير لكل رجل ومعونة مائة دينار، وغزتها الروم أيام الرشيد فلم يقدروا عليها.
وفي سنة [3] ثلاث وثلاثين ومائة أقبل طاغية الروم قسطنطين بن الليون فنزل على ملطية فقاتلوه قتالاً شديداً، فألح عليهم حتى نزلوا على أمان، فهدم المدينة والمسجد الجامع ودار الإمارة، وغزتها الروم أيام الرشيد فلم يقدروا عليها.
ملاق [4] :
نهر عظيم بقرب مجانة من إفريقية، عليه آثار قديمة، وهو صعب كثير الدهس عسير المخايض. ملكان[5] :
جزيرة في البحر الأخضر، وذكر بطليموس أن فيه سبعاً وعشرين ألف جزيرة عامرة وغامرة، وملكان دابة بحرية سميت الجزيرة به، وهذه الدابة قد استوطنت الجزيرة ولها رؤوس كثيرة ووجوه مختلفة، وقيل إنها مركب لبعض ملوك البحر لأن لها جناحين، إذا أقامتهما وجمعت بينهما صار كأنه رف عظيم مظل من الشمس، وهي مثل الجبل الضخم.
مليلة [6] :
من أرض طنجة، وهي قريبة من نهر ملوية بالمغرب، وهي مدينة مسورة بسور حجارة، وداخلها قصبة مانعة، وفيها مسجد جامع وحمام وأسواق، وهي مدينة قديمة، ويقال إن موسى ابن أبي العافية المكناسي جددها [7] وسكنها قوم [8] يقترعون على من يدخلها من التجار، فمن أصابته قرعة الرجل منهم كان تجره على يديه، ولم يصنع شيئاً إلا تحت نظره وإشرافه، فيحميه من من يريد ظلمه، ويأخذ منه على ذلك الأجر ويأخذ منه الهدية لنزوله عنده. وذكر أن عبد الرحمن الناصر لدين الله افتتحها سنة أربع عشرة وثلثمائة، وبنى سورها معقلاً لموسى بن أبي العافية.
وإلى هذه المدينة [9] وقع ادريس بن عبد الله بن الحسن [10] بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، فإن الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم كان قام بالمدينة أيام موسى الهادي، ثم خرج إلى مكة في ذي القعدة سنة تسع وستين ومائة، وخرج معه جماعة من بني عمه وإخوته منهم يحيى وإدريس ابنا عبد الله بن حسن، وبلغ الهادي خبره فولى حربه محمد بن سليمان بن علي فكانت الوقيعة بفخ فقتل الحسين بن علي وأكثر أصحابه، وأفلت ادريس بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي رضي الله عنهم، فوقع إلى مصر، وكان على بريدها واضح مولى صالح بن المنصور، وكان رافضياً، فحمله على بريد إلى أرض [1] انظر اليعقوبي: 362، وآثار البلاد: 564، والكرخي: 46، وابن حوقل: 166، وياقوت (ملطية) ، وفي صبح الأعشى 4: 132 نقل عن الروض. [2] في العيون والحدائق: 224 أن قسطنطين ملك الروم استولى على ملطية عنوة وهدم سورها سنة 138، وما هنا موافق لما في تاريخ الموصل: 142. [3] هذا مكرر، ولكنه يشير إلى نقل من مصدر آخر. [4] البكري: 49، ثم الاستبصار: 162 - 163 وفيه كتب ((ملان)) . [5] البكري (مخ) : 38. [6] البكري: 88، والاستبصار: 135، وانظر الإدريسي (د) : 171، وابن حوقل: 79. [7] البكري: ويقال إن بني البوري بن أبي العافية ... جدودها. [8] سماهم البكري ((بني ورتدي)) . [9] انظر البكري: 121. [10] ص ع: الحسين.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 545