responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم    الجزء : 1  صفحة : 518
كأنوف الجبال، وقصبتها في شرقي مدينتها عليها سور صخر، وهي في غاية الحصانة والمنعة، وفي هذه القصبة مسجد بناه الفقيه المحدث معاوية بن صالح الحمصي، وكان ممن حضر وقعة مروان بن محمد ليلة بوصير فأنجاه الفرار ولجأ إلى الأندلس فرقاً من المسودة، ومات بها، وله روايات وتقدم في السنة والعلم. وجامع مدينة مالقة بالمدينة، وهو خمس بلاطات، ولها خمسة أبواب: بابان منها إلى البحر، وباب شرقي يعرف بباب القصبة، وباب غربي يعرف بباب الوادي، وباب جوفي يعرف بباب الخوخة. وبها مبان فخمة وحمامات حسنة وأسواق جامعة كثيرة في الربض والمدينة.
وذكرها الأول في كتبهم فقالوا: مدينة مالق، لا بأس عليها ولا فرق، آمنة من جوع وسبي ودم، مكتوب ذلك في العلم الذي يكتب، وقد قيل: إن هذه الكلمات وجدت في بعض حجارتها نقشاً بالقلم الاغريقي. قالوا: وجميع هذه الآثار التي أمنها منها وبقاؤها عنها قد لحقت بها وجمعت لها في سنة تسع وخمسين وأربعمائة بمحاصرة عباد بن عباد لها، واستطالة برابر قصبتها على أهلها، فشملهم الضر وعمم الفقر، ثم استحلت حرماتهم وسفكت مهجاتهم، فما نجا في البحر إلا الشريد ولا تخلص إلا السعيد، فخلت ديارهم وتغيرت آثارهم. وكذلك عندما نشأت الفتنة في آخر أيام الملثمين وصدراً من دولة الموحدين بقيام ابن حسون [1] فيها، وبعدما قتل فيها من قتل وغرب من غرب قتل نفسه عند قيام أهل البلد عليه، فسبيت حرمه ومزقوا في البلاد كل ممزق: وآسفت حاله، ولله الحكمة البالغة.
ومن مالقة إلى أرشذونة ثمانية وعشرون ميلاً، ومرسى مالقة صيفي يكن بالغربي وبإزائه مما يلي المدينة الجسر الذي ذكرناه، ينكسر عليه الموج.
ولما ولي القاضي المحدث الشهير أبو محمد عبد الله بن سليمان بن حوط الله الأنصاري [2] قضاء مالقة وقدم عليها، خرج طلبتها إلى لقائه فأنشدهم:
مالقة حييت يا تينها ... الفلك من أجلك يأتينها
نهى طبيبي عنك في علتي ... ما لطبيبي عن حياتي نها
ماردين [3] :
مدينة من ديار ربيعة بعمل الموصل، بينها وبين مدينة دارا نصف مرحلة، وهي في سفح جبل في قنته قلعة لها كبيرة، وهي من قلاع الدنيا الشهيرة.
ماردة [4] :
مدينة بجوفي قرطبة منحرفة إلى المغرب قليلاً، وكانت مدينة ينزلها الملوك الأوائل، فكثرت بها آثارهم والمياه المستجلبة إليها، واتصل ملكهم إلى أن ملك منهم سبعة وعشرون ملكاً، ويقال أن ذا القرنين كان منهم وكان يقال لهذه الأمة الشبونقات [5] ، ثم دخلت أمة القوط فغلبوا على الأندلس واقتطعوها من صاحب رومة، واتخذوا طليطلة دار ملكهم وأقروا فيها سرير ملكهم [6] ، إلى أن دخل عليهم الإسلام، وكان آخرهم لذريق، وكان قد أحدق بماردة سوراً عرضه اثنا عشر شبراً وارتفاعه ثمان عشرة ذراعاً، وكان على بابها مما يلي الغرب حنايات يكون طولها خمسين ذراعاً، متقنة البنيان، عددها ثلثمائة وستون حنية، وفي وسط قنطرتها برج محني يسلك تحته من سلك في القنطرة. وتفسير ماردة باللطيني: " مسكن الأشراف " وقيل بل كانت [7] دار مملكة ماردة بنت هرسوس الملك، وبها من البناء آثار ظاهرة تنطق عن ملك وقدرة، وتعرب عن نخوة وعز، وتفصح عن عظة وعبرة، ولها في قصبتها قصور خربة، وفيها دار يقال لها دار الطبيخ، وهي في ظهر القصر، وكان الماء يأتي في دار الطبيخ في ساقية هي الآن باقية الأثر، فتوضع صحاف الذهب والفضة بأنواع الطعام في تلك الساقية على الماء حتى تخرج بين يدي الملكة، فترفع على الموائد، ثم إذا فرغ من أكل ما فيها وضعت في الساقية، فتستدير إلى أن تصل إلى يد الطباخ بدار الطبيخ، فيرفعها بعد غسلها، ثم يمر

[1] ابو الحكم الحسين بن الحسين بن حسون قاضي مالقة، ثار ببلده عند زوال سلطان الملثمين سنة 539.
[2] انظر ترجمته في التكملة: 883، وكانت وفاته سنة 612.
[3] انظر الكرخي: 53، ونزهة المشتاق: 199 - 200، وياقوت (ماردين) ، وآثار البلاد: 259.
[4] بروفنسال: 175، والترجمة: 210 (Merida) .
[5] ص ع: البشترلفات.
[6] سقط من ص.
[7] من هنا عن الإدريسي (د) : 181 - 183.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم    الجزء : 1  صفحة : 518
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست