اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 516
وقد ذكر الأعشى ميمون بن قيس سد مأرب في قوله من شعر له [1] :
وفي ذاك للمؤتسي أسوة ... ومأرب عفى عليها العرم
رخام بنته لهم حمير ... إذا جاء مواره لم يرم
فأروى الزروع وأعنابها ... على سعة ما بهم إذ قسم
سعى جرذ فيهم ليلة ... [2] فحان بهم جرفهم فانهدم
وطار القيول وقيلاتها ... بيهماء فيها سراب يطم
فصاروا أيادي ما يقدرون ... منه على شرب طفل فطم وقال أمية بن أبي الصلت في قصيدة له:
من سبأ الحاضرين مأرب إذ ... يبنون من دون سيله العرما وقد تقدم.
قال ابن إسحاق [3] : وكان سبب خروج عمرو بن عامر من اليمن أنه رأى جرذاً يحفر في سد مأرب الذي كان يحبس عليهم الماء فيصرفونه حيث شاءوا من أرضهم فعلم أنه لا بقاء للسد على ذلك، فاعتزم على النقلة من اليمن فكاد قومه، فأمر أصغر بنيه إذا أغلظ له ولطمه أن يقوم إليه فيلطمه، ففعل ابنه ما أمره به أبوه، فقال عمرو: لا أقيم ببلد لطم وجهي فيه أصغر ولدي؟ وعرض أمواله فقال أشراف اليمن: اغتنموا غضبة عمرو فاشتروا منه أمواله، وانتقل هو وولده وولد ولده فقالت الأزد: لا نتخلف عن عمرو بن عامر فباعوا أموالهم وخرجوا معه، فساروا حتى نزلوا ببلاد عك مجتازين يرتادون البلدان، فحاربتهم عك، فكان حربهم سجالاً، ثم ارتحلوا عنهم فتفرقوا في البلدان فنزل آل جفنة بن عمرو بن عامر الشام، ونزلت الأوس والخزرج يثرب، ونزلت خزاعة مراً، ونزلت أزد السراة السراة، ونزلت أزد عمان عمان، ثم أرسل الله عز وجل على السد السيل فهدمه، ففيه أنزل الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم " لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور. فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم " إلى آخر الآية والعرم السد، واحدته عرمة.
وروي أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه قال لحاجبه: أدخل أرث من بالباب تراه، فخرج فوجد رجلاً ذا أطمار لا تكاد تواريه فقدمه، فلما مثل بين يديه قال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فرد عليه معاوية رضي الله عنه وأمره بالقعود، ثم أقبل عليه فقال: من أين الرجل؟ قال: من مأرب، قال: وممن؟ قال: من سبأ، قال: أنت من الذين بدلوا نعمة الله كفراً فأبدلهم الله بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل، قال: إني لمن تلك البلدة ومن نسل أولئك القوم، ولكنك يا معاوية من الذين قالوا لنبيهم محمد صلى الله عليه وسلم " اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم " وإنا لأهل الجنة التي وصفها الله والعرش الذي عظمه الله، وإنكم أهل النجعة التي صغرها الله وذمها لجوعها فقال " لأيلاف قريش " ووثب، فأجلسه معاوية واعتذر إليه.
مانان [4] :
جبل في بلاد قمنورية [5] يتصل بالبحر المحيط، وهو منيع عالي الذروة أحمر التربة، وفيه أحجار لماعة تعشي البصر إذا طلعت عليها الشمس لا يكاد الناظر ينظر إليها لشعاعها وبريق حمرتها، وفي أسفله ينابيع الماء العذب يتزود منه ويحمل في الأوعية إلى كل جهة.
ومانان [6] : أيضاً مدينة من أرض كانم في بلاد السودان، وهي [1] ديوان الأعشى: 34. [2] الديوان: فجار بهم جارف منهزم. [3] السيرة 1: 13. [4] الإدريسي (د/ ب) : 30/ 17 (OG: 106) وقد يقرأ ((ماتان)) . [5] ص ع: قيمودية. [6] الإدريسي (د/ ب) 12/ 12 (OG: 29) .
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 516