اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 500
وبكفر توثا كان الوليد بن طريف الشاري [1] حين قابله يزيد بن مزيد قال لأصحابه في الليلة التي عزم على مواقعة الوليد بن طريف في غدها وهو بنصيبين وكان الوليد بكفر توثا، وولد له في تلك الليلة خالد بن يزيد: أبشروا فإنه لم يولد لي غلام قط في حرب إلا رزقت الظفر. فلما التقيا كانت الحرب بينهما بالسواء إلى أن خرج رجل من أصحاب الوليد فدعا للبراز فبارزه يزيد فقتله، فكان ذلك سبباً للهزيمة، وانصرف أنس بن يزيد وقد ضربه حوقل الشاري في جبينه، وكان سيف حوقل لا يمر بشيء إلا هتكه، فقال له يزيد: من ضربك؟ قال: حوقل، قال: ما يسرني أنها في الحائط دونك، عد إلى الحرب وإلا والله ضربت عنقك، فلحقوا بالوليد حتى قتلوه، وفيه تقول أخته ترثيه:
أيا شجر الخابور مالك مورقاً ... كأنك لم تجزع على ابن طريف
فتى لا يعد الزاد إلا من التقى ... ولا المال إلا من قنا وسيوف
كفر طاب [2] :
بالشام أيضاً، سميت بذلك لأن حواليها أرضاً كريمة وثماراً كثيرة من زيتون ورمان وكروم وأشجار، كذا ذكر، وهو مخالف لما تقدم من أنها منسوبة إلى رجل. وهي أرض صحيحة الهواء، ليس لها ماء إلا من الأمطار، ومن سكنها لا يكاد يمرض، ومن قلة مائها يتبايع فيها الماء ثلاث مرات، لأن أصحاب الحمامات يبتاعونه من السقائين، ويجمعون فضلات ما يخرج منه من الحمامات في صهاريج فيشتريه منهم الدباغون، ثم يجمع الدباغون فضلاته فيبيعونه من الذين يصنعون اللبن للبنيان.
كسكر:
من أعمال واسط [3] ، قالوا: تفسيرها أرض الشعير.
وبها كان [4] النعمان بن مقرن المزني والياً لعمر رضي الله عنه، فكتب إليه: يا أمير المؤمنين، إنما مثلي ومثل كسكر مثل شاب عند مومسة تلون [5] له كل يوم وتعطر، وأنا أذكرك الله تعالى ألا بعثتني في جيش إلى ثغر غازياً ولا تبعثني جابياً، فلما اجتمع الأعاجم بنهاوند عازمين على إخراج المسلمين مما في أيديهم من البلاد، وعلى غزو عمر في عقر داره، وندب عمر أهل البلاد إلى أعاجم نهاوند وسيرت إليهم الجيوش، كتب إلى النعمان أن سر إلى نهاوند فأنت على الناس، فسار وكان من وقعة نهاوند ما كان.
كسير وعوير [6] :
جبلان في بحر عمان، وهو بحر فارس، وهم يقولون: كسير وعوير وثالث ليس فيه خير، وهي جبال سود ذاهبة في الهواء لا نبات عليها ولا حيوان فيها، يحيط بها موج من البحر متلاطم تجزع منه النفوس، ولا بد للمراكب من الدخول في وسطها والاجتياز بها، فمخطئ ومصيب، وهي على طريق من قطع من عمان إلى سيراف، ولا تكاد تسلم عندها سفينة، وهما غائران تحت الماء لا يظهر منهما شيء، فانظر هل يناقض هذا ما تقدم من أنهما ذاهبان في الجو والماء يكسر على أعلاهما، وأهل البحر يعرفون مكانهما فيتجنبوهما. كس[7] :
بالسين المهملة، بلد يقارب سمرقند، وبعضهم يكسر الكاف، وبينها وبين سمرقند مرحلتان، وكس مدينة جليلة كثيرة الأهل عامرة بالناس والتجار، ولها ربضان وعليها سور بها مسجد جامع وقصبة غير حصينة، وطولها نحو تسعة أميال في مثلها، وبناؤها بالطين والخشب، وبها فواكه كثيرة يحمل فاضلها إلى سمرقند وبخارى، وللمدينة أربعة أبواب خشب مصفحة بالحديد، ولها نهران كبيران، ويرتفع من كس الملح الدراني المعدني، ويحمل إلى سائر الآفاق، ويقع بجبالها الترنجبين كثيراً، ولكس مدن كثيرة. [1] كان خروجه سنة 178 في خلاقة الرشيد. [2] قارن بياقوت (كفر طاب) ، وآثار البلاد: 248، وتقويم البلدان: 262، وفي صبخ الأعشى 4: 125 نقل عن الروض. [3] معجم ما استعجم 4: 1128، وانظر مادة ((كسكر)) عند ياقوت. [4] الطبري 1: 2615. [5] ص ع: كلون. [6] ذكرهما في مادة ((الدردور)) ، والبكري في معجمه 4: 1128 يقول إنهما جبلان في البحر، وكذلك قال ياقوت (كسير وعوير) ، بينما يقول صاحب نزهة المشتاق: 56 إنهما غائران تحت الماء. [7] نزهة المشتاق: 215 (كش) وقد اختلط ما قاله عنها بما جاء في المادة التالية، وقارن بالكرخي: 181، وابن حوقل: 412، أما ياقوت فإنه فرق بين التي بالمهملة والتي بالشين المعجمة فقال في الأولى: مدينة تقارب سمرقند، وفي الثانية: قرية على ثلاثة فراسخ من جرجان ولم يأت لها بوسف موضع. ويبدو أن المادة في الحالتين - سوى تحديد الموقع - تنصرف إلى كش، بالشين، لأن المؤلف بعد قليل يذكر أن كش قريبة من سمرقند، وبذلك يفسد تحديده المذكور في أول المادة، إذ أين جرجان من سمرقند؟!
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 500