اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 5
أبو الحسن علي بن أبي الحسن [1] الفقيه الأصولي الناظر الحافظ مصنف " أحكام الأحكام " و " منتهى السول " و " أبكار الأفكار " والجدل والخلافيات وغيرها من تصانيفه، وفيه يقول القائل:
إني نصحت لأهل العلم إن قبلوا ... وكل قابل نصح سوف ينتفع
لا تلتقوا السيف يوماً في مناظرة ... فكل من يلتقيه السيف ينقطع آزمُّور (2)
مدينة في بلاد المغرب فيها صنف الأديب الكاتب أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن زنون الكتاب المسمى " الفرائد التؤام والفوائد التوام في أسماء الخيل المشاهير الأعلام " صنفه لصاحب سبتة أبي علي الحسن ابن خلاص [3] سنة تسع وثلاثين وستمائة، وهو كتاب حسن مفيد مليح في فنه، وقال في آخره: صنفه مؤلفه علي بن محمد بن علي بن زنون بمدينة آزمور.
وحدث محمد بن عقيل بن عطية قال: كانت بيني وبين الأديب أبي عبد الله محمد بن حماد صحبة ومودة ثم اجتزت عليه بمقربة من آزمور مقدماً للقضاء فوجدته في حمام قد حجر، مباح الدخول فيه لسلطانه، فحاولت الدخول إليه فمنعت، فنسبت ذلك إلى سوء أدب الخدام، فانتظرته بباب الحمام، فلما خرج وصافحته أنكر مني ما ألف، وجهل من حقي ما عرف، فكتبت إليه:
ألا أيها القاصي الذي خلت عهده ... تحول الليالي وهو ليس يحول
أجدك هل أيقنت أني طالب ... جداك فلم يمكن لديك قبول
وهل خلتني آتيك أشفع شافعاً ... وذلك شيء ما إليه سبيل
فلم نؤت لما أن أتيت بجانب ... وأعرضت عني حين حان وصول
ووالله ما أقضي للقياك حاجة ... سوى رعي عهد والوفاء قليل
وما كنت إلا زائر البيت ليلة ... ويحفزني من بعد ذاك رحيل
ولو قلت للشعرى أترضين أن أرى ... نزيلك قالت طاب منك نزيل
فكيف ولم أعرض بشيء يخصني ... ولا في طباعي أن يقال دخيل
ولي في مناديح الرئاسة مذهب ... أبيت على وعد بها وأقيل
وقد كان لي لب بذكرك عامر ... وظن على طول البعاد جميل
فلما تلاقينا تلاشت مبرة ... ويا ليت أني قبل ذاك عليل
آمُل
بضم الميم بعد المد وآخره لام، مدينة من مدن خراسان بينها وبين مرو على شط نهر جيحون ست مراحل خفاف تكون مائة ميل وأربعة وعشرين ميلاً، وبين آمل وجيحون ثلاثة أميال وهي مدينة حسنة متوسطة القدر لها بساتين وعمارات وفيها ناس وتجارات وحمامات، ومن آمل إلى مدينة خوارزم المسماة الجرجانية اثنتا عشرة مرحلة.
وحكى البكري أن آمل من بلاد طبرية وأن منها محمد بن جرير الطبري الإمام ولعلها مدينة أخرى تسمى كذلك [4] .
وفي سنة ست عشرة ومائة ظفر أسد بن عبد الله وهو أخو خالد بن عبد الله القسري بخداش صاحب الدعوة فقطع يده ورجله وشخص به إلى آمل فقطع بها لسانه وسمل عينيه وصلبه، وكان خداش قد غير وبدل ورخص في أشياء لا تحل ونقش خاتماً [1] ابن خاكان [3]: 293 (رقم: 432) .
(2) بفتح الزاي وتشديد الميم وضمها، ومعناها باللغة البربرية: ((الزيتون البري) . [3] تولى سبتة سنة 637 ثم ثار على الموحدين سنة 641 وأعلن تبعيته للأمير أبي زكريا الحفصي صاحب تونس، وكانت وفاته سنة 646 (البيان المغرب [3]: 359 وديوان ابن سهل، طبع بيروت 1967. واختصار القدح المعلى: 98) [4] قال ياقوت (آمل) عن الطبري: أصله ومولده من آمل؛ والصواب أن يقول المؤلف ((طبرستان)) لا طبرية، وإن كانت النسبة غلى طبرستان ((طبري)) .
الأندلس وأحداثها، في كتابه، يجعل المرء يظن، ولو كان هو المقري المهاجر البعيد عند الأندلس والمغرب، أن مؤلف الروض المعطار أندلسي، فالخطأ هنا ليس خطأ صاحب الروض، الذي كان سبتياً دخل الأندلس، وإنما هو خطأ الذين ظنوا أنه أندلسي النسبة لإسرافه في الحديث عن الأندلس. وقد أكد نسبته إلى سبتة محمد بن القاسم الأنصاري السبتي حين ذكر أنه مقبور بمقبرة المنارة بسبتة وأنه من أهلها في قوله: " قبر الشيخ اللغوي الحافظ الأنبل المتفنن في المعارف، أوحد زمانه في ذلك، وإمام عصره، أبي عبد الله ابن عبد المنعم الصنهاجي من أهل سبتة " [1] .
2 - وتمدنا هذه الترجمة بصورة فيها شيء من التفصيل عن منجي ثقافته وضروب براعته إذ تصوره متضلعاً في الحديث واللغو والنحو، مضيفاً إلى ذلك كله إطلاعاً على العلوم العقلية، ومهارة خارقة في الشطرنج. ويؤكد ابن القاسم الأنصاري ما قاله ابن الخطيب حول تضلعه في القراءة والحفظ واللغة، وتفرده في هذه الشؤون حتى أصبح " أوحد زمانه في ذلك وإمام عصره ". ومما يؤكد ذلك طبيعة الاتجاهات التي سار فيها أساتذته الذين درس عليهم، وقد ذكر منهم ابن الخطيب اثنين وهما: أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن عيسى الغافقي (- 716) ، وشيخ النحاة والقراء بسبتة، فقد كان يتقن كتاب سيبويه، ولعل ابن عبد المنعم أخذه عنه، كما صنف كتاباً في قراءة نافع وآخر في شرح الجمل [2] أما أستاذه الثاني فهو أبو القاسم، القاسم بن عبد الله بن الشاط (- 723) فقد كان يقرئ الأصول والفرائض بمدرسة سبتة، وكان حسن المشاركة في العربية، متقدماً في الفقه ريان من الأدب [3] . وقد طبعت هذه الثقافة شخصية ابن عبد المنعم بطابعها، فقد كان الرجل على جانب غير قليل من التدين، وفي آخر عمره كان كثير " القرب والأوراد "، معروفاً بالصلاح بين معاصريه، سليم الصدر، كما يمكن أن يتصوره من يقرأ كتاب " الروض المعطار "، مهتماً بإعراب كلامه، وفي هذا من المشقة عليه وعلى معاصريه ما فيه. وفي كتاب الروض ما يشير من بعيد إلى ملامح من شخصيته، فهو من ناحية التقوى لا يدع أحداً من الصحابة دون أن يقرن اسمه ب؟ " رضي الله عنه "، ولو مر في الصفحة الواحدة عدة مرات - وهذا ليس من صنيع النساخ فيما اعتقد - وهو يحب أن يقف عند أمجاد المسلمين الأوائل، ولهذا تجده مغرماً بنقل أخبار الفتوح؛ وقد أحس هو نفسه أنه أسرف في النقل، حين تحدث عن معركة الزلاقة، فشفع ذلك بقوله: " قال مؤلف هذا الكتاب [رحمة الله عليه] : قد خالفت بشرح هذه الوقيعة شرط الاختصار لحلاوة الظفر في وقت نزول الهموم ووقوعها في الزمن الخامل، والله سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء وهو المستعان ". ولعلها الملاحظة الوحيدة التي سمح لنفسه بتقييدها تعبيراً عن مشاعره الذاتية. [1] اختصار الأخبار عما كان بثغر سبتة من سني الآثار: 5 (ط. باريز، 1932) تحقيق إ. لافي بروفنسال؛ وقد فرغ المؤلف من جمع كتابه سنة 765. [2] انظر ترجمته في الدرر الكامنة 1: 13 وبغية الوعاة: 177 وكلاهما يعتمد على الذهبي؛ ودرة الحجال 1: 176 وغاية النهاية 1:18. [3] الإحاطة: 358 (النسخة ك) والديباج المذهب: 225.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 5