اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 486
وشرق وتوازي الشاقة ومازر، وبينهما مجرى، وكذلك من قوصرة إلى بر إفريقية مجرى. وجزيرة قوصرة ترى من مدينة مازر، وترى أيضاً من اقليبيا من بر إفريقية، لأن هذه الجزيرة جبل مشرف عال جداً، ولها مرسى من جانب الشمال، وهي مقطع للخشب الجيد، ويحمل منه إلى صقلية، وفيها معز برية تصاد هناك كثيراً، وهي مكمن للغزاة من المسلمين والروم، وكانت فيها للمسلمين على الروم أيام صمصام الدولة وقيعة مجحفة ومقتلة عظيمة، وهي جزيرة صغيرة خصيبة فيها آثار وأشجار ولها من جهة الجنوب مرسى مأمون يكن من رياح كثيرة.
قويق [1] :
نهر حلب، وينبعث من قرية تدعى سنياب [2] على سبعة أميال من دابق، ثم يمر إلى حلب ثمانية عشر ميلاً. ثم يفيض في الأجمة ويدخل منه إلى البلد في قناة تجري في الشوارع والأسواق والديار، ومنه شرب أهل المدينة، ثم يمر إلى مدينة قنسرين عشرين ميلاً، فمن مخرجه إلى مغيضه اثنان وأربعون ميلاً.
وقويق هو المذكور في شعر المعري [3] في قوله يذم إبله حين اشتاقت إلى قويق حيث أوطانها على حقارته وأعرضت عن مجتمع المياه الكثيرة والأنهار الواسعة حين كونها ببغداد، فقال يعني إبله:
تمنت قويقاً والصراة حيالها ... تراب لها من أينق وجمال
قيسارية:
مدينة بالشام على ساحل البحر كبيرة عظيمة لها ربع عامر وحصن منيع، بينها وبين يافا ثلاثون ميلاً وكانت من أمنع مدن فلسطين، افتتحها معاوية في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيها الكروم والبساتين وماؤها من العيون، ومنها تسقى كرومهم.
وفي سنة سبع ومائة افتتح مسلمة بن عبد الملك مدينة قيسارية عنوة [5] .
وتخرج منها [6] فتسير في رمال مقدار ثمانية فراسخ حتى تنتهي إلى مدينة صور. القيروان[7] :
هي قاعدة البلاد الإفريقية وأم مدائنها، وكانت أعظم مدن المغرب نظراً، وأكثرها بشراً، وأيسرها أموالاً، وأوسعها أحوالاً، وأربحها تجارة، وأكثرها جباية، والغالب على فضلائهم التمسك بالخير والوفاء بالعهد واجتناب المحارم والتفنن في العلوم، ثم سلط الله تعالى عليها العرب، وتوالت الجوائح عليها حتى لم يبق منها إلا أطلال دارسة وآثار طامسة، ولم يبق الآن منها سوى حيز قليل عليه سور تراب، واستولت العرب عليها، فهم يقبضون جبايتها، ويقال إنها ستعود إلى عمارتها. ومياهها قليلة، وشرب أهلها من الماجل الكبير الذي بها، وهو عجيب البناء على تربيع، وفي وسطه بناء قائم كالصومعة ذرع كل وجه منها مائتا ذراع. وكانت القيروان مدينتين: القيروان وصبرة.
ولما افتنحت [8] إفريقية في زمن معاوية رضي الله عنه على يد عقبة بن نافع القرشي رحمة الله عليه في سنة خمسين، وكان وجهه إليها في عشرة آلاف من المسلمين، فوضع السيف حتى أفنى من بها من النصارى وقال: إني أرى إفريقية إذا دخلها إمام تحرموا بالإسلام، وإذا خرج عنها رجع كل من أجاب منهم عن دين الله عز وجل، فهل لكم يا معشر المسلمين أن تتخذوا مدينة تكون لكم عزاً للأبد فأجابه الناس، واتفقوا على أن يكون أهلها مرابطين فيها وقالوا: نقربها من البحر ليتم الجهاد والرباط، فقال لهم عقبة: أخاف من ملك القسطنطينية فاتفق رأيهم على موضعها فقال: قربوها من السبخة، فإن أكثر دوابكم الإبل، تكون إبلكم على بابها في مراعيها آمنة من البربر، فدعا ما كان في الغيضة من الوحوش والهوام وقال: اخرجوا بإذن الله تعالى، فخرج كل ما كان فيها حتى [1] ابن رستة: 91، وابن خرداذبه: 177، وقارن بياقوت (قويق) . [2] هكذا عند ابن رسته، وفي ياقوت: سبتات، وقال: سألت عنها بحلب فقالوا: لا نعرف هذا الاسم، إنما مخرجه من شاذر. [3] راجع مادة ((الصراة)) . [5] قيساوية هذه هي التي في آسيا الصغرى، قال صاحب العيون والحدائق: 89: وفي سنة 107 غزا مسلمة بن عبد الملك قيساوية بين ملطية وكماخ ففتحها. [6] هنا عود إلى الحديث عن قيساوية فلسطين. [7] الإدريسي (د/ ب) : 110/ 80، وقارن بالبكري: 24، واليعقوبي: 347، والمقدسي: 224، وياقوت (قيروان) . [8] الاستبصار: 113.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 486