اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 485
كان هواؤها وبياً وأهلها مصفرة ألوانهم، وقل ما دخلها غريب فسلم من المرض إلا نادراً.
وهي أزلية [1] قديمة فيها آثار كثيرة للأوائل، وبينها وبين أسوان غيران منحوتة في جبال منها قبور الأموات لا يعلم لها عهد تستخرج منها المومياء الطبية، وهم يجدونها في رممهم وبين أكفانهم.
ويقال إن في تلك الصحراء التي بين قوص وأسوان معادن الذهب، غير أن البجاة وهم جنس من الحبشة تمنع منه، وبلادهم ما بين بحر القلزم وبين مصر، وتسكن عندهم جماعة من العرب من ربيعة بسبب هذا المعدن، ويتصل ببلادهم معدن الزمرد [2] الفائق الذي ليس له مثل بمعمور الأرض، وهو بموضع يعرف بالخربة في مغارة وجبال محمية بالبجاة، وإليهم يؤدي الخفارة من يرد لحفر الزمرد. وبين هذا الموضع والنيل أكثر من عشرين مرحلة، وبين هذا المعدن والعمران مسيرة تسعة [3] أيام، ولا يعرف معدن للزمرد غيره إلا ببلاد البلهرى من أرض الهند [4] ، ولا يلحق بهذا، والهندي هو الذي يعرف بالمكي لأنه يحمل إلى عدن فيؤتى به مكة، فاشتهر بهذا الاسم.
والزمرد الذي يقطع من الخربة أربعة أنواع: أعلاها المعروف بالمرو، وهو كثير المائية تشبه خضرته خضرة السلق إلا أنه يضرب إلى السواد، والثاني البحري، وهو في لون ورق الآس، وإنما غلب عليه اسم البحري لأن ملوك الهند والسند والصين يرغبون فيه ويفضلونه على غيره من الزمرد، والثالث يعرف بالمغربي، لأن ملوك المغرب والأفرنج والأندلس والجلالقة وغيرهم يتنافسون فيه، والصنف الرابع المسمى بالأصم وهو أدناها وأقلها غناء لقلة مائيته وخضرته وكثرة دكونته، وأكبر حجارة الزمرد الفائق يبلغ وزن العدسة منه عشرة دنانير، وهذا المعدن قد انهارت غيرانه وتهدمت لبعد العمارة عنه وانقطاع الناس. ولا خلاف عند جميع من يقرب من موضع ذلك المعدن أن الحيات والأفاعي وسائر أنواع الحيوان المسموم لا تقرب هذا المعدن ولا خدمته. وقيل إن هذه الحيوانات إذا أبصرت الزمرد الفائق سالت عيونها، وإن الملسوع إن سقي منه وزن دانقين برئ بإذن الله تعالى، وكانت ملوك اليونانيين أرباب الحكمة تفضله على جميع الأحجار، وأهل الحكمة يقولون إن شعاع الزمرد وخضرته تقوى بزيادة القمر، ولله سبحانه وتعالى في خلقه أسرار خفية. قورية[5] :
بالأندلس، قريبة من ماردة، بينها وبين قنطرة السيف مرحلتان.
ولها سور منيع [6] ، وهي أولية البناء واسعة الفناء، من أحصن المعاقل وأحسن المنازل، ولها بواد شريفة خصيبة وضياع طيبة وأصناف من الفواكه كثيرة، وأكثرها العنب والتين.
قومس [7] :
عمل مفرد بين الري وخراسان، ومدنه: بسطام وسمنان والدامغان، وقومس بلد جليل القدر واسع، واسم المدينة الدامغان، وهي أول مدن خراسان، فتحها عبد الله بن عامر بن كريز في خلافة عثمان رضي الله عنه سنة ثلاثين، وأهلها قوم عجم، وهم أحذق قوم بعمل أكسية الصوف البيض القومسية الرفيعة.
وفي ثمان وعشرين ومائة غلب أبو مسلم صاحب الدعوة على ناحية قومس وجرجان.
وكان عمر [8] رضي الله عنه كتب إلى نعيم بن مقرن حين أعلمه بفتح الري: أن قدم سويد بن مقرن إلى قومس، ففصل إليه سويد من الري فلم يقم له أحد، فأخذها سلماً وعسكر بها، وكاتبه الذين لجأوا إلى طبرستان منهم والذين أخذوا المفاوز فدعاهم إلى الصلح وإلى الجزية، وكتب لهم بذلك كتاباً.
قوهستان [9] :
من كور نيسابور.
قوصرة [10] :
جزيرة تلي مدينة مازر من صقلية بينهما مجرى، وهي في شرقي جزيرة مليطمة، وهي من جزيرة الراهب بين جنوب [1] عن الاستبصار: 85 حتى آخر المادة. [2] هذه المعلومات عن الزمرد مأخوذة عن المسعودي، المروج 3: 44، وأوردها صاحب الاستبصار، وانظر خطط المقريزي 1: 194، 197. [3] الاستبصار: سبعة. [4] ص ع: الصين. [5] بروفنسال: 164، والترجمة: 198 (Coria) . [6] عن الإدريسي (د) : 183. [7] قارن بنزهة المشتاق: 207، وابن حوقل: 322، والكرخي: 124، وياقوت (قومس) ، وقد ذكر المؤلف هذه المادة في ((الدامغان)) . [8] الطبري: 1: 2656. [9] ص ع: قومسيان، ولم أجد لها ذكراً في الكتب الجغرافية، وقوهستان ليست من كور نيسابور وإنما هي منطقة وجبال ممتدة بين نيسابور وهراة. [10] هي الجزيرة التي تسمى Pantelleria، وانظر الإدريسي (م) : 19، والبكري (ح) : 226.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 485