اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 474
إذا جار الأمير وحاجباه ... وقاضي الأرض داهن في القضاء
فويل ثم ويل ثم ويل ... لقاضي الأرض من قاضي السماء وكان على قنسرين [1] سور حصين فهدم في أيام قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما بأمر يزيد بن معاوية، وفيها الآن آثار من سورها، ولها حصن منيع وبها أسواق وفعلة وهي على نهر قويق، وهو نهر حلب يصل في جريته إلى قنسرين ثم يغوص في الأجمة، وقيل بين قنسرين وحلب عشرون ميلاً.
قنوج [2] :
أفخر بلاد الهند اسماً وشأناً، وأعظمها صيتاً وأقدمها بنياناً، وكان واليها بأجيال أكبر شياطين الكفر جاهاً ومقداراً وأتمهم قوة، وكان سلفه ملوك الهند من مستقرهم إلى منتهى الثغور، وكان ولاة قشمير لهم بمنزلة الحجاب، وكانوا قد أقروا لهم بالسمع والطاعة أذعنوا للانقياد والمتابعة، وكان بين آخر ثغور هذا الجانب وبين قنوج ممالك الهند متصلة الحدود بالحدود، تقطعها قوافل التجار في مدة سنة كاملة إذا واظبوا على السير، وكان ولاة كفارها لهم أمر نافذ وذكر سائر وناحية عظيمة وقلاع حصينة وعدة كاملة وقوة وافرة، وهم يعتقدون أن الأصنام آلهتهم ولا يتفكرون في خلق السموات والأرض.
وقصدها غازياً لها محمود بن سبكتكين سلطان خُراسان من مستقره بغزنة سنة عشر وأربعمائة، في خلافة الإمام القادر بالله أمير المؤمنين، وفي رسالته يخاطب القادر بالله بذلك: استخار العبد في النهوض إلى عرصة مقرّه وعقر داره، ابتداء بتحصين الممالك المعقودة بإقباله، فوثبَ [3] بنواحي غزنة العبد محمداً مع خمسة عشر ألف راجل وعشرة آلاف فارس من أولي الإخلاص في الوفاء وخواصّ الأولياء الموثوق بغنائهم، وأنهض العبد مسعوداً مع عشرة آلاف راجل وعشرة آلاف فارس من أولي الإخلاص في الوفاء والامحاض في الولاء إلى ملتان لتنظيفها من بقايا الباطنية، وتقرير أمورها على الطريقة السوية، وشحن بلخ وطخارستان بأرسلان مع اثني عشر ألف فارس وعشرة آلاف راجل من الأنجاد والشجعان، وضبط ولاة خوارزم بالترشاش الحاجب مع عشرين ألف فارس وعشرين ألف راجل المختارين للجلاد والطعان، بعدما هذب أحوال الأطراف والقلاع، وسد ثغورها بالأمناء والأنجاد عند المصاع، غير ساكن إلى حضورهم ولا واثق بقوة جمهورهم، بل اعتمد كتاب الله تعالى واتكل عليه في رعاية ما استرعي من الممالك والأمم، وانتخب ثلاثين ألف فارس وعشرة آلاف راجل لصحبة راية الإسلام، كلهم طلاب الشهادة، وتحت ظلل الحِمام، وانضمت إليهم جماهير المطوعة من النواحي المفترقة، وانتظمت أحوالهم بإطلاق ما يسر الله عزّ وجلّ من الصلة والنفقة.
القندهار [4] :
مدينة بالهند كبيرة النظر كثيرة الخلق، وهم قوم يمتازون بلحاهم من غيرهم، فإنهم يتركون لحاهم تطول حتى تصل إلى ركبهم ودونها، وهي عراض كثيرة الشعر، ووجوههم مدورة، والمثًل يُضْرَب بكبر لحاهم وطولها، وزيهم زي الأتراك، وعندهم حنطة وأرز وحبوب وأغنام وأبقار، وهم يأكلون الأغنام الميتة ولا يأكلون البقر الميتة، وهم يحاربون ملك كابل وكابل من مدن الهند المجاورة لبلاد طخارستان.
قال بعضهم: مدحت ملك القندهار والطاق فأعطاني ستين ألف درهم طاطرية، كل درهم مثقال [5] : [1] عن نزهة المشتاق: 196. [2] ذكر المسعودي (المروج 1: 374) ملك القنوج وقال إن مسافة مملكته من عشرين ومائة فرسخ سندية، الفرسخ ثمانية أميال، وذكر أن له أربعة جيوش كل جيش سبعمائة ألف لمحاربة من حوله، وهو قليل الفيلة ورسمه لحربه ألفاً قبل حربية؛ وتحدث الإدريسي (ق) : 67، 69 عن المدينة والملك، وخالف المسعودي فقال إنه كثير الفيلة وليس في ملوك الهند البرية ملك عنده من الفيلة ما عنده منها؛ وقال صاحب حدود العالم: 89 ((قنوج مدينة كبيرة وهي مدينة القنوج الملك ومعظم ملوك الهند في طاعته، ويقال إن لديه 150 ألف قرش و 800 فيل معدة للحرب؛ وكانت مدينة قنوج في أيام ابن بطوطة (الرحلة: 539) مدينة كبيرة حسنة العمارة حصينة رخيصة كثيرة السكر، وعليها سور عظيم، ويذهب مينورسكي إلى أسرة Gujara - Parihara وأن إمبراطورية هذه الأسرة كانت تضم كل شمال الهند (ما عدا السند) وأجزاء غربية من البنجاب وقشمير ونيبال وأسام وأجزاء من البنغال والولايات الوسطى وأوريسا (حدود العالم: 238 - 239، 246) وانظر تقويم البلدان: 360، وقد وردت اللفظة عند البيروني (تحقيق ما للهند: 16) : كنوج. [3] لعلها: ((فرتب)) . [4] يعتمد المؤلف على الإدريسي (ق) : 71 (OG: 195) ، وقارن بما في تقويم البلدان: 356، وحدود العالم: 88، ورحلة ابن بطوطة: 392، 552، وقندهار (Ghandahar) تقع على الزاوية الشرقية من خليج كمبي (Cambay) (انظر حدود العالم: 245) . [5] وردت ألفاظ في هذه الأبيات لم أوفق لوجه الصواب فيها.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 474