اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 471
منها طبرمين، وحاصر قلورية هذه فقتل وسبى، فهربوا منه ثم مضى إلى كشنته [1] ، فلم يزل يتعرف الفتح والنصر حتى عرض له المرض الذي مات منه، فحمل إلى مدينة بلرم فدفن بها. قُلُمْرِيّة[2] :
بالميم، بالأندلس، من بلاد برتقال، مدينة بينها وبين قورية أربعة أيام.
وهي [3] على جبل مستدير، وعليها سور حصين ولها ثلاثة أبواب، وهي في نهاية من الحصانة.
وهي صغيرة متحضرة عامرة كثيرة الكروم والتفاح والقراصيا، ومكانها في رأس جبل تراب لا يمكن قتالها، وهي على نهر عليه أرحاء، وبين قُلُمْرِيّة وشنترين ثلاث مراحل، وبينها وبين البحر اثنا عشر ميلاً.
قمار [4] :
بلد أو جزيرة بالهند، إليها ينسب العود القماري، وهو جيد لكن العود الصنفي أجود منه، وبها الصندل والأرز، وأهلها يجالسون التجار ويعاملونهم، وفيهم عدالة ظاهرة وجودة مشهورة وإنصاف كامل، وعبادتهم الأصنام والبدود، وهم يحرقون موتاهم بالنار.
قالوا [5] : ومملكة قمار موازية لمملكة المهراجٍ صاحب الجزائر. يحكى أن ملكاً من ملوك قمار تذوكر عنده يوماً عظم مملكة المهراج صاحب الجزائر وجلالتها، فقال لوزيره: في نفسي شهوة أحب بلوغها وكان حدثاً سفيهاً فقال: ما هي؟ قال: كنت أحب أن أرى رأس المهراج بين يديّ، فعلم الوزير أن الحسد أثار ذلك الفكر في نفسه، فأنكر الوزير ما سمع منه وقال: إنه لم يتقدم بين من سلف منا ومنهم خلاف ولا ترة فينبغي ألا يعيد الملك في هذا قولاً ولا يأخذ في هذا مع أحد، وبين موضع مملكة المهراج وقمار نحو عشرة أيام في البحر، فلم يسمع منه وأشاع ذلك في قواده حتى اتصل بصاحب المهراج، وكان محنكاً جزلاً، فأمر بإعداد ألف مركب بآلاتها وتجهيزها من حَمَلة السّلاح وأهل الغناء بما تحمله وأشاع أنه يريد التنزه في جزائر مملكته، وكتب إلى ملوك الجزائر بما عزم عليه من زيارتهم وأمرهم بتلقيه مختلفين ليرهب على من والاه، فلما استتمت أموره أتى قاصداً إلى قمار، ويتصل بدار مملكة صاحبها نهر يصبّ في البحر فسيّر فيه رجاله فأتوه على حال غرة، وأخذ قواته واحتوى على مملكته، وأمر منادياً ينادي بالأمان في الناس، وقعد على سرير المملكة وقد أخذ صاحب السرير أسيراً فأحضره وأحضر وزيره وقرره على تمنيه فلم يحرْ جواباً، فقال له المهراج: أما أنك لو تمنيت مع الذي تمنيت إباحة أرض أو فسادها لأفسدت أرضك واستعملت ذلك كله فيك، ولكني لا أتعدى ما تمنيت لتكون عظة لمن بعدك، فضرب عنقه، وجعل رأسه في طست بين يديه، وقال للوزير: جزيت خيراً، فانظر من يصلح للملك بعد هذا الجاهل فأقمه مقامه، وانصرف من ساعته راجعاً إلى بلده من غير أن يمد هو أو أحد من أصحابه يداً إلى شيء من بلاد قمار ولا ماله، وحمل الرأس معه، فلما قعد في مملكته أخبرهم خبره ثم أمر بالرأس فغسل وطيِّب وردَّه إلى الملك القائم ببلاد قمار، وكتب إليه: إنما حملنا على ما فعلناه بصاحبك بغيه علينا، وقد بلغنا منه ما أردنا، ورأينا ردّ رأسه إليك إذ لا درك في حبسه والسلام. واتصل الخبر بالملوك فعظم المهراج في أعينهم وصارت بعد ذلك ملوك قمار تؤم بوجوهها كل صباح إلى بلاد الزابج فتسجد تعظيماً للمهراج.
والهنود يمنعون [6] من شرب الخمر المسكرة ويعيبون شاربها لا تديناً بل سياسة، وإذا صحّ عندهم ذلك في ملك من ملوكهم استحق الخلع، ولا يشربه من ملوكهم إلا صاحب جزيرِة سرنديب، فإنه يحمل إليه من بلاد المغرب، وأشدهم ملك قمار فإنه يعاقب في السكر والزنا بالقتل، والزنا عند سائر ملوكهم مباح إلا في المحصنين، وملك قمار أشدهم غيرة، وهم يعافون الخل فيحمضون ماء الأرز ويستعملونه، والمُلْك مقصور في أهل بيت وكذا القضاء والوزارة وسائر الرتب لا تغير ولا تبدل. [1] ص ع: لشنتة. [2] بروفنسال: 164، والترجمة: 97 (Coimbra) . [3] الإدريسي (د) : 183. [4] نزهة المشتاق: 30 (OG: 83) وعدها جزيرة؛ وقارن بمعجم ما استعجم 3: 1094، ونخبة الدهر: 155، وتقويم البلدان: 369، والزهري: 20، وابن الوردي: 48، ويرى مينورسكي أن ((قمار)) Qimar هي Khmer وهي ما يعرف باسم كمبوديا على الميكنج. [5] مروج الذهب 1: 170، والبكري (مخ) : 45. [6] المروج 1: 168 - 169، والإدريسي (ق) : 11، وابن رسته: 132 - 133، وابن الفقيه: 15، وابن خرداذبه: 66 - 67، وانظر 172 - 179 (AGK) حيث رتب ما أورده الجغرافيون العرب عن ((قمار)) .
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 471