اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 456
فإنا مقتولان فولى راكضاً، وقتل الرجلان، وفي ذلك يقول زفر من أبيات:
لعمري لقد أبقتْ وقيعةُ راهط ... لمروان صدعاً بيننا متنائيا
أريني سلاحي لا أبا لك إنني ... أرى الحرب لا تزداد إلا تماديا
فقد ينبت المرعى على دمن الثرى ... وتبقى حزازات النفوس كما هيا
أتذهب كلبْ لم تنلها رماحنا ... وتترك قتلى راهط هي ما هي
فلم ترَ منّي نبوة قبل هذه ... فراري وتركي صاحبيَّ ورائيا
عشية أعدو في الفريقين لا أرى ... من القوم إلا من عليّ ولا ليا
أَيذهب يوم واحد إن أسأته ... بصالح أيامي وحسن بلائيا وانتهى زفر بن الحارث من هزيمته إلى قرقيسيا فغلب عليها، واستقام الشام لمروان. قرميسين:
بلد جليل من كور الجبل بينه وبين آمد ثلاث مراحل، وإليها ينسب عبد السلام بن الحسين القرميسني البصري اللغوي [1] صاحب التأليف في الحماسة وغيرها، أصلها بالفارسية كرمان شاهان فعرب.
القِراصة [2] :
بكسر أوله وبالصاد المهملة، بالمدينة، بها كان حائط جابر بن عبد الله الذي عرض أصله وثمره على يهود فيما كان لهم عليه، فأبوا أن يقبلوها منه فشكا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " إذا حان جدادها فجدّها، ثم ائتني "، ففعل، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فبرك ودعا له أن يؤدي عن جابر ثم قال صلى الله عليه وسلم: " يا جابر اذهب إلى غرمائك فشاطرهم على سعر وائت بهم "، ففعل، فقال بعضهم لبعض: ألا تعجبون لهذا؟ عرض أصله وثمره فأبينا، ويزعم أنه يوفينا من ثمره؟ فجاء بهم حتى وفاهم حقوقهم، وفضل منها مثل ما كانوا يجدون في كل سنة.
قرَّة [3] :
في بلاد الروم، كان الرشيد أغزى ابنه القاسم بلاد الروم فأتى قرة فأقام على حصنها، فافتداها نقفور طاغية الروم بثلثمائة أسير من المسلمين، فأجابه إلى ذلك.
وفي سنة تسع وستمائة نزل عليها العدو في نيف على عشرين قطعة، وأهلها غافلون فاستولى عليها وأخذ الأبكار في الحمامات والديار وسبى جميع نسائها، وكانت قضية من الكوائن الشنيعة.
قُرْطُبة [4] :
قاعدة الأندلس وأم مدائنها ومستقر خلافة الأمويين بها وآثارهم بها ظاهرة، وفضائل قرطبة ومناقب خلفائها أشهر من أن تذكر، وهم أعلام البلاد وأعيان الناس، اشتهروا بصحة المذهب وطيب المكسب وحسن الزي وعلو الهمة وجميل الأخلاق، وكان فيها أعلام العلماء وسادات الفضلاء، وتجارها مياسير وأحوالهم واسعة، وهي في ذاتها مدن خمس يتلو بعضها بعضاً، وبين المدينة والمدينة سور حاجز، وفي كل مدينة ما يكفيها من الأسواق والفنادق والحمّامات وسائر الصناعات، وطولها من غربيها إلى شرقيها ثلاثة أميال، وعرضها من باب القنطرة إلى باب اليهود ميل واحد وهي في سفح جبل مطل عليها يسمى جبل العروس، ومدينتها الوسطى هي [5] التي فيها باب القنطرة.
وبها الجامع المشهور أمره الشائع ذكره من أجل مصانع الدنيا كبرَ مساحة وإحكامَ صنعة وجمالَ هيئة وإتقان بنية تهمم به الخلفاء المروانيون فزادوا فيه زيادة بعد زيادة، وتتميماً إثر تتميم، حتى بلغ الغاية في الإتقان، فصار يحار فيه الطرف ويعجز عن حسنه الوصف وليس في مساجد المسلمين مثله تنميقاً [1] هو خازن دار العلم ببغداد، الذي نشأت بينه وبين المعري صداقة أثناء إقامة المعري ببغداد، توفي سنة 405هـ؟ (انظر انباه الرواة 2: 175، وفي الحاشية ذكر لمصادر أخرى) . [2] معجم ما استعجم 3: 1056، وخلاصة الوفا: 400. [3] الطبري 3: 694. [4] بروفنسال: 153، والترجمة: 182 (Cordaba) ، والنص من أول المادة حتى قوله: ((فهذا ما حكاه محمد بن محمد بن إدريس)) منقول في مجمله عن الإدريسي (د) : 208 - 212. [5] ص ع: في مدينتها ... وهي.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 456