اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 400
وكانت وفاته بطوس في جمادى الأخرى سنة ثلاث وتسعين ومائة وله خمس وأربعون سنة، وكان مولده بالري، وقال للعباس بن موسى: في علمنا المدروس أني أموت بطوس. ولإبراهيم بن المهدي يرثيه:
ذكرت أخي هارون وهو ببلدةٍ ... تكلفها شهرٌ وأوبتها شهرُ
بطوس ومن تكتب بطوس وفاته ... يطلْ من أخلاء الصفاء له الهجر
كملت فلما صرت للأرض زينة ... أفلت عن الدنيا كما يأفل البدر
فما الخير بالمأمول ما هبت الصبا ... ولا الشر بالمأمون ما برق الفجر وفي الرشيد ودفنه بطوس يقول دعبل، وكان بذيء اللِّسان:
قبرانِ في طوس خير الناس كلهم ... وقبر شرّهم هذا من العِبرِ
لا ينفع الرجس من قرب الزكي ولا ... على الزكي بقرب الرجس من ضرر يعني علي بن موسى الرضا والرشيد، وقبراهما متجاوران بظاهر مدينة نوقان، وهي طوس العظمى، في مشهد حسن في قرية يقال لها مِلياناد، وفيها حصن حصين منيع وفيه قوم معتكفون.
وبنوقان [1] معدن قدور البرام يحمل منها إلى سائر بلاد خُراسان، وفيها معادن النُحاس والحديد والفضة والفيروزج والدهنج وغيرها.
ومن أهل طوس الإمام أبو حامد محمد بن محمد الغزالي رحمة الله عليه.
طواويس [2] :
من مدن بخارى، وهي مدينة عامرة لها سوق في وقت من السنة معلوم ويقصده الناس والتجار من جميع أرض خُراسان، ويجلب إليه كثير من الأمتعة، وتحمل منه الثياب المتخذة من القطن إلى بلاد العراق لكثرتها، وبها صناعات، وبها فواكه مختلفة الأجناس وبساتينها كثيرة، ومرافقها موجودة، والمياه تخترق جهاتها، وهي حصينة، وفيها قصبة وسور يدور بها، ومسجدها الجامع في المدينة، ومنها إلى بخارى مرحلة.
الطوانة:
قال البكري [3] : طوانة بضم أوله وبالنون، اسم موضع قسطنطينية قبل أن يبنيها قسطنطين.
والطوانة [4] مدينة ببلاد الروم على فم الدرب مما يلي طرسوس، وكان معاوية رضي الله عنه أغزى سفيان بن عوف وأمره أن يبلغ الطوانة، فأصيب معه خلق من الناس، فعم الناس الحزن بمن أصيب بأرض الروم، وبلغ معاوية أن ابنه يزيد لما بلغه خبرهم وهو على شرابه مع ندمائه قال:
أهونْ علي بما لاقت جموعهم ... يوم الطوانة من حمى ومن موُم
إذا اتكأت على الأنماط مرتفقاً ... بدير مران عندي أم كلثوم فحلف عليه ليغزون وأردف به سفيان، فسميت هذه الغزاة غزاة الرادفة، وبلغ الناس فيها إلى القسطنطينية، وفيها مات أبو أيوب الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودفن هناك على باب القسطنطينية؛ وحكي أنه خرج في الصائفة فمرض فأتاه يزيد بن معاوية فقال له: هل لك من حاجة؟ فقال: ما ازددت عنك وعن أبيك بعد إلا غنىً، إن شئت أن تجعل قبري مما يلي العدو في غير ما يشق على أحد من المسلمين، فلما قبض أبو أيوب رضي الله عنه قبر مع سور القسطنطينية، فلما أصبحوا أشرف عليهم الروم فقالوا: يا معشر العرب، قد كان لكم الليلة شأن، فقالوا: مات رجل من أكابر أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم ووالله لئن نبش لا ضرب ناقوس في أرض العرب. فكان الروم يتعاهدون قبره ويرقبونه ويستسقون به إذا قحطوا. طولقة[5] :
من بلاد الجريد بجوفيّ بنطيوس، وهي ثلاث مدن [1] نزهة المشتاق: 209. [2] نزهة المشتاق: 214، وقارن بياقوت (طواويس) . [3] معجم ما استعجم 3: 897، وانظر ياقوت (طوانة) وراجع مادة (دير مران) . [4] قارن بأنساب الاشراف 4/ 2: 3. [5] البكري: 72.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 400