اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 398
كذلك إذ أوحى الله تعالى إلى عيسى: إني قد أخرجت عباداً لي لا يدان لأحد بقتالهم، فجوز عبادي إلى الطور ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون. . . الخبر بكماله.
ومن مدينة أيلة إلى بيت المقدس ست مراحل والطور الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام على يوم وليلة من أيلة، وإذا سرت من أيلة [1] لقيت عقبة لا يصعد لها راكب لصعوبتها ولا تقطع إلا في طول اليوم لطولها، ثم تسير مرحلتين في فحص التيه الذي تاه فيه بنو إسرائيل حتى توافي ساحل البحر بموضع يقال له بحر فاران وهو الذي غرق فيه فرعون، ومن هنا إلى بحر القلزم مرحلة واحدة، وإنما نسب هذا البحر إلى فاران وهي مدينة من مدن العماليق على تل بين جبلين، وفي هذين الجبلين ثقوب لا تحصى مملوءة أمواتاً، وفي سفح أحدهما بيعة للنصارى حصينة عليها سور من حجارة ذو شرفات وأبواب حديد داخله عين ماء عذب، وعلى العين درابزين من نُحاس لئلا يسقط فيه أحد وقد أجري ماؤها في قني رصاص إلى ما حوالي الدير من الكروم والأشجار، ويقال إن على هذه العين كان ثمر العليق الذي آنس موسى عليه السلام عنده النار، وعلى خطوات من هذا الدير أول العقبة التي يصعد منها الناس إلى طور سيناء وهي ستة آلاف وستمائة وستون مرقاة قد نحتت درجات في الصخر، فإذا قطعت نصف المرقاة صرت إلى مستوى من الأرض فيه أشجار وماء عذب وهناك كنيسة على اسم ايلياء النبي، وهناك مغارة يزعمون أن إيلياء استخفى فيها من أزقيل الملك، ثم تستمر في الارتقاء حتى تنتهي إلى قلة الجبل، وهناك كنيسة متقنة البناء تنسب إلى موسى عليه السلام بأساطين رخام وحيطانها مزخرفة بالفسيفساء، وأبوابها ملبسة بالصفر وسقفها من خشب الصنوبر وأعلاها أطباق رصاص قد أحكمت غاية الإحكام وليس فيها إلا إنسان واحد يقمها ويقوم عليها ويجمرها ويسرج قناديلها، قد اتخذ هذا الراهب لنفسه بيتاً صغيراً خارجاً عن الكنيسة يأوي إليه وينام فيه، ولا يمكن أحد أن ينام في الكنيسة ولا يدخل عينيه غمض. وهذه الكنيسة بنيت في المكان الذي كلم الله فيه موسى عليه السلام تكليماً.
قالوا: وأوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام إني متوفي هارون فأتِ به جبل كذا فانطلق موسى وهارون إلى ذلك الجبل فإذا فيه شجر وبيت مبني، وإذا فيه سرير وعليه فرش، فلما نظر هارون إليه أعجبه وقال: يا موسى، إني أحب أن أنام على هذا السرير فقال: نم عليه، فقال: إني أخاف ربَّ البيت، قال موسى: أنا أكفيك. فلما نام هارون قبض الله روحه، ثم رفع ذلك البيت وذلك السرير إلى السماء، فلما رجع موسى إلى بني إسرائيل وليس معه هارون قالوا: إن موسى قتل هارون وحسده لحب بني إسرائيل له، وكان هارون أعطف عليهم. وقيل: بل هو مدفون في جبل من جبال الشراة مما يلي الطور، وقبره مشهور في مغارة عادية يسمع منها في بعض الليل دوي عظيم يجزع منه كل ذي روح وقيل: بل هو موضوع في المغارة غير مدفون. طوخا[2] :
مدينة على نهر الصين عامرة بالناس فيها تجار وبضائع وبها تصنع الثياب الطوخيّة من الحرير ولها قيمة وافرة ويتجهز بها منها إلى البلاد وهي ثياب مطرقة كالعتابية، وفيها ثياب مريشة يعمر الثوب منها كثيراً.
طوارق [3] :
من قصور قفصة في البلاد الجريدية، وهي منتصف الطريق من قفصة إلى فج الحمار وأنت تريد القيروان، وكانت مدينة كبيرة آهلة فيها جامع وكانت القوافل إذا خطرت بين هذه القصور تكعم إبلها ودوابها لئلا ترعى ورق الشجر لكثرته على تلك الطريق، وهي اليوم خربة لا أنيس بها منذ دخلت العرب بلاد إفريقية وأفسدت بلاد القيروان وغيرها من البلاد والقرى والعمائر وكثير من المدن بإفريقية.
طوس [4] :
مدينة من نيسابور على مرحلتين، وقيل على ستة عشر فرسخاً. وطوس العظمى يقال لها نوقان، وهي مدينة كبيرة حسنة المباني كثيرة الأسواق شاملة الأرزاق عامرة الأمكنة رائقة الجهات ولها مدن بها منابر.
ولمّا فتح ابن عامر [5] مدينة نيسابور قيل صلحاً وقيل عنوة فتح ما حولها طوس وبيورد ونسا وحُمران وسرخس، وقيل [1] البكري (مخ) : 77، وانظر رحلة الناصري: 194، 199، 201 حيث ينقل عن الروض عند التعريف بالقلزم وفاران وأيلة، وكذلك صبح الأعشى 3: 387. [2] نزهة المشتاق: 69 (OG: 206) ، وابن الوردي: 34. [3] الاستبصار: 154، وهي ((طراق)) عند البكري: 47. [4] نزهة المشتاق: 209. [5] الطبري 1: 2884 وما بعدها.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 398