اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 392
" الحوادث والبدع " وغير ذلك، سكن بغداد وتفقه على أبي بكر الشاشي، وسمع بها الحديث، وهو مالكي المذهب، قالوا: وزهده أكثر من علمه، وانتفع به جماعة، وأنجب أكثر من مائتي فقيه مفت، ومن كبار أصحابه أبو الطاهر بن عوف وسند بن عنان الأزدي، وعاصر الغزالي، وله في إحيائه كلام، وكان منحرفاً عنه سيء الاعتقاد فيه، وكانت وفاته بعد العشر والخمسمائة. طركونة[1] :
بالأندلس، بينها وبين لاردة خمسون ميلاً، وطركونة مدينة أزلية، قاعدة من قواعد العمالقة، وجعلها قسطنطين في القسم الثالث من الأندلس، وأضاف إليها مدن ذلك القسم.
وهي مبنية [2] على ساحل البحر الشامي ومعالمها باقية لم تتغير، وأكثر سورها باق لم يتهدم، وهي أكثر البلاد رخاماً محكماً، وسورها من رخام أسود وأبيض، وقليلاً ما يوجد مثله.
ومن الغرائب بطركونة أرحاء نصبها الأول تطحن عند هبوب الريح وتسكن بسكونها.
وذكر أهل العلم باللِّسان اللطيني أن معنى طركونة الأرض المشبهة بالمعجنة [3] ، وكانت في قديم الزمان خالية لأنها كانت فيما بين حد المسلمين والروم، والأحناش بها مؤذية كثيرة، ومياهها كثيرة، وبها أساطين رفيعة مما تضل الأوهام في حكمته، ويعجز المتكلفون اليوم عن صنعته. وذكر شيخ ثقة من أهل شبرانة يقال له ابن زيدان أنه كان يخرج في السرايا إلى تلك الناحية، فنزل في بعض خرجاته مع جماعة من أصحابه في البنيان الذي تحت مدينة طركونة، فأرادوا التحوّل منه فضلوا ولم يهتدوا منه لمخرج، وترددوا كذلك ثلاثة أيام حتى اهتدوا في آخر اليوم الثالث لما أراد الله تعالى من إبقائهم، وزعم قوم أنهم وجدوا هناك بيوتاً مملوة قمحاً وشعيراً من الأزمان السالفة قد اسودّ حبّه وتغير لونه، وفي هذه المدينة يكمن المسلمون عند طلب الفرصة في الغزو، وفيها يكمن العدو أيضاً للمسلمين.
طراقية [4] :
مدينة تلي من ناحية الشرق مدينة القسطنطينية، ومن ناحية الجوف إلى الأشبان، ومن ناحية الغرب بلاد مجدونية [5] ، سميت بطراقي بن يافث، وزعموا أن أهلها أول من عمل اللجم للخيل وأنهم الذين ابتدعوا رياضة الخيل والبيطرة.
طريف [6] :
جزيرة طريف على البحر الشامي في أول المجاز المسمى بالزقاق، ويتصل غربيها ببحر الظلمة، وهي مدينة صغيرة عليها سور تراب، ويشقها نهر صغير، وبها أسواق وفنادق وحمّامات، ومن جزيرة طريف إلى الخضراء ثمانية عشر ميلاً.
وكتب موسى بن نصير إلى الوليد يستأذنه في اقتحام الأندلس فراجعه: خضها بالسّرايا ولا تغرر بالمسلمين في بحر شديد الأهوال، فراجعه: ليس ببحر زخار، إنما هو خليج يبين للناظر ما خلفه، فجاوبه: وإن كان، فلا تدعنّ [7] اختباره بالسرايا قبل اقتحامه، فبعث موسى رجلاً من مواليه من البربر اسمه طريف يكنى أبا زرعة في أربعمائة رجل معهم مائة فرس في أربعة مراكب، فنزل بالخضراء التي هي معبر سفائنهم، وهي التي يقال لها اليوم جزيرة طريف لنزوله بها فأغار عليها، فأصاب سبياً لم يرَ موسى ولا أصحابه مثله حسناً، ومالاً جسيماً وأمتعة وذلك سنة إحدى وتسعين.
الطران:
مدينة للمسلمين تلي بلاد الأتراك، وبينهم حصون منسوبة إليهم، ويليها من شمالها الترك الخرلخية، وبينهم في أكثر الأوقات حروب وغارات، وإذا كانت الهدنة كانت بينهم تجارات ومعاملات [8] بالأمتعة والسائمة والأبقار.
طَرْيانة [9] :
من كور اشبيلية بالأندلس، بها كان ألفنش بن فرذلند الطاغية، واعد قواد جيوشه للاجتماع فيها عام الزلاقة لمحاصرة [1] بروفنسال: 125، والترجمة: 153 (Tarragone) . [2] الإدريسي (د) : 69. [3] بروفنسال: بالمجنة. [4] البكري (ح) : 230 (Thrace Thracia) . [5] (Macedonia) (مقدونية) . [6] بروفنسال: 137، والترجمة: 154. [7] بروفنسال: فلابد من. [8] إلى هنا تنتهي المادة في ص. [9] بروفنسال: 126، والترجمة: 154 (Triana) .
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 392