اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 39
وفي سنة ثلاث وتسعين غزا العباس بن الوليد أرض الروم فافتتح انطاكية. ويقال إن انطاكية لا تمر عليها سحابة إلا مطرتها وان ذلك لبقية من رضاض ألواح موسى عليه السلام في غار في جبل من جبالها ورضاض من تابوت السكينة.
وفي سنة اثنتين وأربعين وثلثمائة غزا نقفور انطاكية فأخذها وأخذ مدينة طرسوس واقريطش فكان من أمره ما قدمناه، وهي الآن في يد الروم. ومن أنطاكية فر هرقل حين انهزمت جموعه وقتلت باليرموك خرج منها حتى أتى الرها ثم منها كان خروجه إلى القسطنطينية، فلما خرج استقبل الشام وقال: السلام عليك يا سورية سلام مودع لا يرى أنه يرجع إليك أبداً، وكان لما جاء المخبر بالهزيمة، وقتل من قتل من عظماء الروم قال المخبر: تلكؤك أخبث وألأم وأكفر، متى تذب عن دين أو تقاتل عن دنيا، ثم قال للشرطة: أنزلوه، فأنزلوه وجاءوه به فقال: ألست كنت أشد الناس علي في أمر محمد نبي العرب حين جاءني كتابه ورسوله وكنت أردت أن أجيبه إلى ما دعا إليه وأدخل في دينه فكنت أنت من أشد الناس علي حتى تركت ما أردت من ذلك فهلا قاتلت الآن قوم محمد وأصحابه دون سلطاني وعلى قدر ما كنت لقيت منك إذ منعتني من الدخول في دينه، اضربوا عنقه، فضربوا عنقه ثم نادى في أصحابه بالرحيل.
وتسير من انطاكية ستة فراسخ في صحراء وجبال فيها مزارع وأشجار البلوط، وعلى يسار الطريق بحيرة يكون مقدارها ستة فراسخ فيها يجتمع ماء انطاكية حتى ينتهي إلى قرية يقال لها بغراس [1] . انطالية
فرضة بلاد قونية، وفي سنة ثلاث وستمائة وقعت فتنة بين فرنجها ورومها كانت سبباً لأن صارت دار إسلام لأن الخبر بلغ غياث الدين كيخسرو فأرسل إليها عسكراً غلبت عليها باشتغال الفريقين بالقتال واستقر الصلح على أن تكون مدينتين بينهما سور، إحداهما للمسلمين والأخرى للنصارى [2] .
أنقلش (3)
بلد الأنقلش وهم جنس من الأتراك نزلوا مصاقبين للصقالبة، وحد مدينتهم في المغرب مدينة بويرة [4] وفي الجوف منهم الروس، وهم قوم ليس لهم معبود دون الله تعالى، وهم يقرون بصاحب السماء وأنه واحد قهار، ويجتنبون أكل لحم الخنزير ويقربون قرابين، فإذا وضع بين يدي أحدهم طعام أجج ناراً وأخذ من أفضل خبزه وطعامه فيلقيه في النار ويدعو باسم أحب وزرائه إليه، ويعتقدون أن الدخان يرقى إلى السماء فيكون ذخراً للميت بين يدي الله عز وجل ليفوز بذلك عنده، وهم ناقلة من خراسان، والإسلام هناك فاش وهؤلاء الأتراك يفادون المسلمين واليهود إذا أسروا في جهة من الجهات التي تليهم، ويحسنون قرى الضيفان، وهم على أحوال مرضية إلا في إباحة نسائهم لعبيدهم وأضيافهم وكل من أراد الخلوة بهن، وانهم بذلك في منزلة الكلاب.
انكلاس (5)
هي أكبر بلاد كوار قطراً وأكثرها تجارة وعندهم معادن الشب الخالص المتناهي في الطيب وأهل هذه المدينة يتجولون حتى ينتهوا إلى بلاد وارقلان وسائر أرض المغرب الأقصى، وأهلها يلبسون ثياب الصوف ويربطون على رؤوسهم كرازية ويتلثمون بفواضلها ويسترون أفواههم وهي عادتهم يتوارثونها. وهذا الشب الذي يكون في بلد كوار بالغ في نهاية الجودة وهو كثير الوجود ويتجهز به في كل سنة إلى سائر البلاد بما لا يحصى كثرة ومعادنه لا تنقص كبير نقص، وأهل تلك الناحية يذكرون أنه ينبت نباتاً ويزيد في كل حين بمقدار ما يؤخذ منه مع الساعات ولولا ذلك لأفنوا الأرض كلها لكثرة ما يخرج منه ويتجهز به، إلى جميع الأرض.
انقولاية (6)
هو حصن بينه وبين حصن علمريه [7] في آخر ممالك الروم خمسون ميلاً وهو في فحص فيه سبعة أجبل في كل جبل حصن يسمى الطلائع، وأهله لا يحرثون ولا يزرعون إلا يسيراً ولا ينتشرون على بعد، إنما معايشهم من أشجار كروم عوالي الحصون. وحصن انقولاية على نهر بينه وبين البحر ثلاثة أيام وبناؤه أحسن بناء وليس يسكنه إلا الرهبان ونفر من اليهود، والمقدم عليهم يسمى البطرباج كبطرباج بيت المقدس ويعظمه النصارى ويوقرونه وينقادون له ولم يزل ملوك القسطنطينية يبعثون بالأموال [1] ع: نقراسن؛ ص: فقراسن. [2] أنظر رحلة ابن بطوطة: 284.
(3) البكري (ح) : 150 ولم يرد إلا بعض ما أورده المؤلف هنا. [4] ع: مويرة؛ ص: مويرة.
(5) الإدريسي (د/ ب) 39/ 25، وأنظر أيضاً: 26 عن الشب الكواري عامة.
(6) لم اهتد غلى تحقيق هذه المادة. [7] كذا ورد هذا الاسم.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 39