اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 324
مباركاً لك في ذلك إن شاء الله تعالى، ثم توفي الرجل المريض وتوجه الموصى إليه بعهده إلى بغداد، فيسر الله له في اكتراء الدار، وانتهى إلى الموضع المذكور، فاستخرج منه ذخائر لا قيمة لها عظيمة الشأن كبيرة القدر، فدسها في أحمال متاع ابتاعها وخرج من بغداد إلى دمشق، فابتاع الدار المذكورة المنسوبة لعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، وبناها خانقة للصوفية واحتفل فيها، وابتاع لها الأوقاف ضياعاً ورباعاً، وجعلها برسم الصوفية، وأوصى بأن يدفن فيها وأن يختم القرآن على قبره كل جمعة، وعين لكل من حضر لذلك ما ذكرناه، فوجد الغرباء والفقراء في ذلك مرفقاً كثيراً، فتغص الخانقة بالفقراء [1] في كل ليلة جمعة فإذا ختموا القرآن دعوا له وانصرفوا واندفع لكل واحد منهم رطل من الخبز على الصفة المذكورة. سمندر[2] :
مدينة بالهند، واسعة المتاجر كثيرة المنافع لأهلها بضائع وأحوال [3] كثيرة، والإقلاع منها والحط بها كثير، وهي من أعمال القنوج [4] وهو ملك تلك البلاد، وهي أيضاً على جون [5] يصل إليها من مدينة قشمير، وفيها حبوب وأرز كثير وحنطة ممكنة، ويحمل إليها العود من مسيرة خمسة عشر يوماً في ماء عذب من بلاد كارموت، وهناك منابت عود جيد طيب. ولهذه المدينة جزيرة كبيرة تسامتها وبينهما مجرى ساعة، وهذه الجزيرة عامرة بالناس والتجار من كل الآفاق، ومنها إلى جزيرة سرنديب أربعة مجار.
وكانت سمندر[6] دار مملكة الخزر على ثمانية أميال من مدينة الباب، والخزر بلاد كبيرة، مسلمون ونصارى وفيهم عباد أوثان ولهم بلاد ومدن منها سمندر هذه، وهي خارج الباب والأبواب. وبلنجر وغيرها، وكانت تلك البلاد بناها أنوشروان كسرى، وهي الآن عامرة، ومن باب الأبواب إلى سمندر أربعة أيام، وبين باب الأبواب ومملكة السرير ثمانية أيام، ويسكن سمندر اليوم خلق من الخزر، وكانت افتتحت في بدء الزمان على يد سليمان بن ربيعة الباهلي رضي الله عنه، وقد كان يهود ملك الخزر في خلافة الرشيد فانصرف إليه خلق من اليهود ووردوا عليه من سائر أمصار المسلمين وبلاد الروم.
وهم يحرقون موتاهم ودواب بيتهم والآلة والحلي، وإذا مات الرجل منهم أحرقت معه امرأته وهي بالحياة، وإن ماتت المرأة لم يحرق الرجل، وإن مات منهم عزب زوج بعد وفاته، يرتجين في تحريق أنفسهن دخول الجنة، وهذا كما تفعله الهنود بأنفسها.
وكانت [7]سمندر قبل هذا عامرة وكان بها من الأشجار والكروم ما لا يحصى فأتت قبيلة الروس عليها فأهلكتها وغيرت حالها، ومن آخر حدودها إلى أول عمالات صاحب السرير أحد وخمسون ميلاً.
سمورة [8] :
هي دار مملكة الجلالقة، على ضفة نهر كبير جداً خرار كثير الماء شديد الجرية عميق القعر، وبين سمورة و [9] البحر ستون ميلاً، وسمورة مدينة جليلة قاعدة من قواعد الروم، وعليها سبعة أسوار من عجيب البنيان قد أحكمته الملوك السابقة، وبين الأسوار فصلان وخنادق ومياه واسعة. وقد كان عبد الرحمن بن محمد الخليفة الأموي بالأندلس غزا سنة سبع وعشرين وثلثمائة في أزيد من مائة [10] ألف من الناس، فنزل على دار مملكة الجلالقة وهي سمورة هذه.
وكان [11] أشد ما على الأندلس من الأمم المحاربة لهم الجلالقة، على أن الإفرنجة حرب لهم، غير أن الجلالقة أشد بأساً، وكان لعبد الرحمن بن محمد صاحب الأندلس وزير من ولد أبيه [12] يقال له أحمد بن إسحاق، قبض عليه عبد الرحمن لموجدة وجدها عليه، فقتله عبد الرحمن، وكان لذلك الوزير أخ يقال له أمية في مدينة شنترين من ثغور الأندلس، فلما نمي إليه ما فعل [1] الرحلة: بالقرأة. [2] ادريسي (ق) : 66 - 67 (OG: 192) . [3] الإدريسي: وأموال. [4] ص ع: الفتوح. [5] الإدريسي: خور. [6] تراجع المعلومات عن سمندر والخزر في رسالة ابن فضلان، والكرخي 129 - 131، وابن حوقل: 323، وياقوت (خزر، سمندر) ، وابن الوردي: 53. [7] نزهة المشتاق: 271. [8] أفاد في المادة من الإدريسي (د) : 66 وأكثرها نقل عن البكري (ح) : 74 - 79، وانظر بروفنسال: 98، والتجمة: 120 (Zamora) . [9] سقطت من ع. [10] بروفنسال: مائتي. [11] من هنا بدء النقل عن البكري. [12] بروفنسال أمية؛ البكري: أخيه.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 324