اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 321
وأكرم خيولاً وأكثر سلاحاً من أهل البصرة لأنهم فجروا الأرض وأكلوا ما بين الأهواز إلى كرمان، فاقتتلوا أشد القتال، وصبر بعضهم لبعض عامة النهار، ثم إن الخوارج شدت على الناس بأجمعها شدة منكرة فأجفل الناس وانصاعوا منهزمين لا تلوي أم على ولد حتى بلغت البصرة هزيمة الناس، ونادى مناد أن قد قتل المهلب، ونعي بالبصرة، فنسي الناس رجالهم، وقام أهل كل دار يبكون المهلب لا يسألون عن أحد غيره، وضرب المهلب يومئذ على جبهته ولم يبق يومئذ أحد من ولده إلا جرح، وأسرع المهلب حتى سبقهم إلى مكان يفاع في جانب عن سنن المنهزمين ثم إنه نادى الناس: إلي عباد الله، فثاب إليه جماعة من قومه من أهل عمان، فاجتمع إليه منهم نحو من ثلاثة آلاف رجل، فلما نظر إلى من قد اجتمع رضي جماعتهم، فحمد الله تعالى وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فإن الله تعالى ربما يكل الجمع الكثير إلى أنفسهم فيهزمون وينزل النصر على الجمع القليل فيظفرون، ولعمري ما بكم من قلة، إني بجماعتكم لراض، وإنكم لأنتم أهل الصبر وفرسان المصر، وما أحب أن أحداً ممن انهزم معكم، لو كانوا فيكم ما زادوكم إلا خبالاً، عزمت على كل امرئ منكم لما أخذ عشرة أحجار معه أو ما استطاع، ثم امشوا بنا نحو عسكرهم فإنهم الآن من ذلك آمنون، وقد خرجت خيلهم في طلب إخوانكم، فوالله إني لأرجو ألا ترجع إليهم وخيلهم، حتى تستبيحوا عسكرهم وتقتلوا أميرهم، ففعلوا ثم أقبل بهم زحفاً، فلا والله ما شعرت الخوارج إلا والمهلب يضاربهم بالمسلمين في جانب عسكرهم، ثم استقبلوا عبيد الله بن الماحوز وأصحابه وعليهم الدروع والسلاح كاملاً، فأخذ الرجل من أصحاب المهلب يستقبل الرجل منهم فيستعرض وجهه بالحجارة فيرميه حتى يثخنه ثم يطعنه بعد ذلك برمحه أو يضربه بسيفه، فلم يقاتلهم إلا ساعة حتى قتل عبيد الله بن الماحوز وأخوه عثمان بن الماحوز، وضرب الله وجوه أصحابه فأخذ القوم عسكر القوم وما فيه، وقتل الأزارقة قتلاً ذريعاً، وأقبل من كان من الأزارقة في طلب المنهزمين من أهل البصرة راجعين وقد وضع لهم المهلب خيلاً ورجالاً في الطريق تختطفهم وتقتلهم، فانكفأوا راجعين مفلولين محروبين مغلوبين، فلما أصبح المهلب غدا على القتلى فأصابوا ابن الماحوز قتيلاً، وفي ذلك يقول شاعرهم: مفلولين محروبين مغلوبين، فلما أصبح المهلب غدا على القتلى فأصابوا ابن الماحوز قتيلاً، وفي ذلك يقول شاعرهم:
بسلى وسلبرى مصارع فتية ... كرام وعقرى من كميت ومن ورد وقال أيضاً عبيدة بن هلال منهم:
لعمري لقد بعنا الحياة وعيشها ... برضوان رب بالخلائق عالم
غداة نكر الخيل تدمى نحورها ... بدولاب يوم المأزق المتلاحم
فإن تك قتلى يوم سلى تتابعت ... فكم غادرت أسيافنا من قماقم
صريع ومن جيش الجناة، وأصبحت ... بواكيهم يعولن بين المآتم وقال رجل من موالي المهلب: لقد صرعت يومئذ بحجر واحد ثلاثة: رميت رجلاً فأصبت به أصل أذنه فصرعته، ثم أخذت الحجر فضربت به آخر على هامته فصرعته، ثم ضربت به آخر ثالثاً. وقال رجل من أصحاب المهلب:
ويوم سلى وسلبرى أحاط بهم ... منا صواعق لا تبقي ولا تذر
حتى تركنا عبيد الله منجدلاً ... كما تجدل جذع مال منقعر وانصرفت الخوارج حين انصرفت وإن أصحاب النيران الخمس أو الست ليجتمعون على النار الواحدة من الفلول وقلة العدد، حتى جاءتهم مادة من قبل البحرين، فخرجوا نحو كرمان وأصبهان. وقال المهلب لفارسين من أصحابه: أمعنا في الأرض فمن لقيتما من الناس فاعلماه حياتي وامضيا إلى البصرة فأخبرا أهلها بالظفر، والخبر أطول من هذا وفيما أوردناه كفاية.
سلماس [1] :
بلد في داخل المشرق، ذكرها السلفي في الأربعين البلدانية. سمنان[2] :
بين الري ونيسابور من عمل قومس التي بناها أنوشروان، وهي مدينة حسنة متوسطة بها أسواق وصناعات، ومن سمنان إلى الدامغان مرحلتان إلى جهة نيسابور. [1] قال ياقوت (سلماس) : مدينة مشهورة بأذربيجان بينها وبين أرمية يومان، وبينها وبين تبريز ثلاثة أيام، وقد خرب الآن معظمها؛ وانظر آثار البلاد: 391. [2] قارن بياقوت (سمنان) ، والمقدسي: 356، وابن رسته: 169.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 321