اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 304
أبصرت من بلد الجزيرة مكنساً ... والبحر يمنع أن يصاد غزاله
كالشكل في المرآة تبصره وقد ... قربت مسافته وعز مناله
السبخة
1
-:
موضع بالمدينة، بين موضع الخندق وبين سلع، وبها جالت خيل المشركين وقد اقتحمت من مكان ضيق في الخندق منهم عمرو بن عبد ود، فقتله علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
والسبخة [2] أيضاً موضع بالعراق فيه كانت وقيعة السبخة التي أوقع فيها المختار بن أبي عبيد الثقفي بقتلة الحسين بن علي رضي الله عنهما وكان بعثه الله تعالى نقمة عليهم فقتل منهم بشراً كثيراً، ولما أظفره الله عز وجل بقتلة الحسين رضي الله عنه أظهر العتو وادعى النبوة، وكانت هذه الوقيعة التي أوقع بهم فيها تعرف بوقيعة السبخة، وقتل فيها ربيعة بن شداد بن عوسجة وهرب الشمر بن ذي الجوشن ثم عثر عليه ليلاً فقتل، وقتل الذي جاء برأس الحسين وحرق بالنار، ووجه المختار أبا عمرة صاحب حرسه إلى عمر بن سعد بن أبي وقاص فقتله وجاء برأسه إلى المختار، وابنه حفص جالس عنده فقال له: أتعرف هذا؟ قال: نعم ولا خير في الحياة بعده، قال: صدقت، فأمر به فقتل، ثم قال المختار: هذا بحسين بن علي وهذا بعلي بن حسين ولا سواء، والله لو قتلت منهم كذا لما وفوا بأنملة من أنامله. ثم بعث المختار برأس عمر بن سعد إلى المدينة حتى ألقي بين يدي علي بن الحسين فخر ساجداً، وفي الخبر طول.
سبيبة [3] :
من القيروان إلى وادي الرمل أربعون ميلاً، ومنها إلى سبيبة، وهي مدينة أولية ذات أنهار وثمار، ومياهها سائحة تطحن عليها الأرحاء، وكانت على نظر كبير ومزدرعات كثيرة وقرى عامرة.
ولها [4] سور حجارة وربض فيه الخانات والأسواق.
وتسكنها [5] اليوم قبائل من البربر والعرب ويسمى ذلك النظر القرى، ولم يكن بإفريقية أخصب أرضاً منها ولا أكثر بساتين ومياهاً وعيوناً جارية.
وبمدينة سبيبة عين عظيمة كبيرة من بنيان قديم من عمل الأول، ويقال إن فيها خبئاً، ومن أطرف ما يهتف به أهلها أنهم يقولون إنه يوجد فيها في رأس كل شهر دينار كبير وزنه عشرة مثاقيل، ولا يصل إليه ويأخذه إلا من يعرف رقية العين، ويقولون إن رجلاً كان يعرف رقية العين وكان يبخرها ببخور ويرقي بكلام غير مفهوم، فكان يجد فيها كل يوم ديناراً من تلك الدنانير حتى كسب من ذلك مالاً كثيراً.
وبسبيبة كان التقاء جند زيادة الله بن إبراهيم بن الأغلب صاحب القيروان وجند منصور الطنبذي [6] ، وكانت إفريقية قد انتقضت عليه وحكم كل رئيس على جهته، فتقاتل زيادة الله ومنصور الطنبذي قتالاً عظيماً وانهزم أصحاب زيادة الله واستفحل أمر القواد واستولوا على إفريقية، وفي هذه الوقيعة خاف زيادة الله على ملكه وتوقع انقطاع دولته وبلغ، ذلك منه كل مبلغ فدخلت عليه أمه فصبرته وسهلت عليه الأمر، ففكر ساعة ثم رفع رأسه فأنشدها أبياتاً فيها [7] :
أفنت سبيبة كل قرم باسل ... ومن العبيد جحاجحاً أبطالا
فإذا ذكرت مصابنا بسبيبة ... فابكي جلاجل واندبي إعوالا (8) سجستان:
بلد جليل له من الكور مثل ما بخراسان وأكثر، غير أنها منقطعة متصلة ببلاد السند والهند، وكان يضاهي خراسان.
وهم ينتفعون [9] بالقنافذ كانتفاع أهل اليمامة بالحفاث، وفي عهد سجستان ألا يقتل قنقذ في بلادهم لأن بلدهم كثير الرمل بناه [2] انظر الطبري 2: 628. [3] بدأ النص بالنقل عن البكري: 49، وبعد قليل يتفق مع ما في الاستبصار: 161. [4] عن الإدريسي (د) : 9 - [5] عاد إلى النقل عن الاستبصار. [6] كان ذلك سنة 210هـ؟، (انظر البين المغرب 1: 100 - 101) ؟ [7] الحلة السيراء 1: 166، وجلاجل المخاطبة في البيت الثاني هي أم زيادة الله.
(8) ص: أطلالا؛ ع: اطالا، وآثرنا رواية الحلة السيراء. [9] البكري (مخ) : 48.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 304