اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 292
ولم يصبني بحمد الله إلا جراحات يسيرة آلمت، لكنها فرحت بعد ذلك وغنمت وأظفرت [1] .
ولما فرغ يوسف من وقيعة يوم الجمعة تواردت عليه أنباء من قبل السفن فلم يجد معها بداً من سرعة الكرة فانصرف إلى اشبيلية فأراح بظاهرها ثلاثة أيام ونهض نحو بلاده. ومشى ابن عباد معه يوماً وليلة، فعزم عليه يوسف في الرجوع، وكانت جراحاته تثعب، وتورم كلم رأسه، فرجع وأمر ابنه بالمسير بين يديه إلى فرضة المجاز حتى يعبر البحر إلى بلاده.
ولما دخل ابن عباد اشبيلية جلس للناس وهنئ بالفتح، وقرأت القراء وقامت على رأسه الشعراء فأنشدوه، قال عبد الجليل بن وهبون: حضرت ذلك اليوم وأعددت قصيدة أنشده إياها فقرأ القارئ: " إلا تنصروه فقد نصره الله "، فقلت: بعداً لي ولشعري، والله ما أبقت لي هذه الآية معنى أحضره وأقوم به؛ واستشهد في هذا اليوم جماعة من أعيان الناس كابن رميلة المتقدم الذكر وقاضي مراكش أبي مروان عبد الملك المصمودي وغيرهما، وطار ذكر ابن عباد بهذه الوقيعة وشهر مجده، ومالت إليه القلوب، وسالمته ملوك الطوائف، وخاطبوه جميعاً بالتهنئة، ولم يزل ملحوظاً معظماً إلى أن كان من أمره مع يوسف ما كان.
قال مؤلف هذا الكتاب رحمة الله عليه: خالفت بشرح هذه الوقيعة شرط الاختصار لحلاوة الظفر في وقت نزول الهمم ووقوعها في الزمن الخامل، والله سبحانه يفعل ما يشاء وهو المستعان.
زم [2] :
بضم أوله وتشديد ثانيه موضع ببلاد بني ربيعة، وقيل ببلاد بني قيس بن ثعلبة، قال الأعشى [3] :
ونظرة عين على غرة ... مكان الخليط بصحراء زم وزم أيضاً من حفائر عبد شمس بن عبد مناف بمكة، وبعضهم يقول في التي بمكة رم بالراء المهملة، والأول أثبت، وهي التي عند دار خديجة بنت خويلد رضي الله عنها.
وزم [4] أيضاً في خراسان على نهر بلخ من آمل طالعاً مع النهر أربع مراحل، وزم تقابل آمل في الكبر، وبها ماء جار وبساتين وعمارات وزروع وتجارات.
وقال يحيى بن يوسف الزمي: كنا عند مالك بن أنس وعنده رجل أحسبه من أهل الشام وهو يصف له الشام وخبره، فقال له مالك: ألا أحدثك بحديث هو خير من شامكم، حدثني جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قال كل يوم مائة مرة لا إله إلا الله الحق المبين أمن من الفقر ومن وحشة القبر واستجلب بها الغنى واستفتح بها باب الرحمة ". زمزم[5] :
بئر مكة، ويقال لها زمزموزمزموزمزم وهي الشياعة وركضة جبريل وحفيرة عبد المطلب وطيبة وبرة والمضنونة وماؤها لما شرب له.
قال عبد المطلب: إني لنائم في الحجر إذ أتاني آت فقال: احفر طيبة، قال، قلت: وما طيبة؟ قال: ثم ذهب عني، فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه فجاءني فقال: احفر المضنونة، قلت: وما المضنونة؟ ثم ذهب عني، فلما كان من الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه فجاءني فقال احفر زمزم فقلت: وما زمزم؟ قال: لا تنزف أبداً ولا تذم، تسقي الحجيج الأعظم وهي بين الفرث والدم عند نقرة الغراب الأعصم عند قرية النمل.
قال ابن إسحاق: فلما بين له شأنها ودل على موضعها غدا بمعوله ومعه ابنه الحارث بن عبد المطلب ليس له يومئذ ولد غيره، فحفر فلما بدا لعبد المطلب الطي كبر، فعرفت قريش أنه قد أدرك حاجته، فقاموا إليه فقالوا: يا عبد المطلب إنها بئر أبينا إسماعيل، وإن لنا فيها حقاً فأشركنا معك فيها، فقال: ما أنا بفاعل، إن هذا الأمر قد خصصت به دونكم وأعطيته من بينكم، قالوا له: فأنصفنا فإنا غير تاركيك حتى نخاصمك فيها قال فاجعلوا بيني وبينكم من شئتم حتى أحاكمكم إليه قالوا: كاهنة بني سعد بن هذيم، قال: نعم، وكانت بأشراف الشام، فركب عبد المطلب في نفر من بني عبد مناف وركب من كل قبيلة من [1] هذه العبارة قلقة، وعند بروفنسال، لكنها قرحت ... وغنمت وظفرت؛ وفي النفح: فرجت. [2] معجم ما استعجم 2: 702. [3] ديوان الأعشى: 28. [4] ضبطها ياقوت بفتح الزاي، وتحدث عن يحيى بن يوسف الزمي في المادة نفسها، وهو مختلف في سنة وفاته، بين 525، 526، 529. وقارن مادة زم بالكرخي: 157 وابن حوقل: 376 والمقدسي: 291. [5] معجم ما استعجم 2: 700، والبكري (مخ) : 72، والسيرة 1: 143.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 292