اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 277
موسى لقبض الخزائن، فلما دخل يقطين على أبي مسلم قال: السلام عليك أيها الأمير، قال: لا سلم الله عليك يا ابن اللخناء، أؤتمن على الدماء ولا أؤتمن على الأموال؟! فقال له: فما الذي أبدى منك هذا أيها الأمير؟ قال: أرسلك صاحبك لقبض ما في يدي من الخزائن، فقال له: امرأتي طالق ثلاثاً إن كان أمير المؤمنين وجهني إليك لغير تهنئتك بالظفر، فاعتنقه أبو مسلم وأجلسه إلى جانبه، فلما انصرف قال لأصحابه: إني والله أعلم أنه قد طلق، ولكنه وفى لصاحبه.
وسار أبو مسلم من الجزيرة، وقد أجمع على خلاف المنصور، فأخذ طريق خراسان منكباً عن العراق، وسار المنصور من الأنبار فنزل رومية المدائن وكتب إلى أبي مسلم: إني قد أردت مذاكرتك بأشياء لم يخلصها الكتاب فأقبل فإن مقامك عندنا قليل، فقرأ الكتاب ومضى إلى وجهه، فسرح إليه المنصور جرير بن يزيد بن جرير بن عبد الله البجلي وكان واحد زمانه دهاء ومعرفة، وكانت المعرفة بينهما قديمة فقال له: أيها الأمير ضربت الناس عن عرض لأهل هذا البيت ثم تنصرف على هذه الحال؟ ما آمن من يعيبك من هناك وهاهنا وإن يقال طلب ثار قوم ثم نقض بيعتهم فيخالفك من تأمن مخالفته إياك وإن الأمر لم يبلغ عند خليفتك ما تكره ولا أرى أن تنصرف على هذه الحال، فأراد أن يجيب إلى الرجوع، فقال له مالك بن الهيثم: لا تفعل فقال: لقد بليت بإبليس، يعني الجريري، فلم يزل به حتى أقبل به إلى البصرة. فكان أبو مسلم يجد خبره في الكتب السالفة وأنه يقتل بالروم، وكان يكثر من قول ذلك وأنه مميت دولة ومحيي أخرى، فلما دخل على المنصور رحب به وعانقه وقال له: كدت أن تمضي قبل أن أفضي إليك بما أريد، قال: قد أتيت يا أمير المؤمنين فمر بأمرك، فأمره بالانصراف إلى منزله وانتظر به الغوائل، ثم بعد ذلك ركب أبو مسلم إلى مضرب المنصور، وهو على دجلة برومية المدائن، فجلس تحت الرواق والمنصور يتوضأ، وكان تقدم إلى صاحب حرسه عثمان بن نهيك في عدة أن يقوموا خلف السرير الذي وراء أبي مسلم، فإذا صفق بيد على يد فليظهروا وليضربوا عنقه وما أدركوا منه بسيوفهم، وجلس المنصور فدخل عليه أبو مسلم، فسلم، فرد عليه وأذن له في الجلوس وحادثه ساعة ثم أقبل يعاتبه ويقول: فعلت وفعلت، فقال أبو مسلم: ليس يقال لي هذا بعد بلائي وما كان مني، فقال له: يا ابن الخبيثة وإنما فعلت ذلك بجدنا وحظوظنا ولو كان مكانك أمة سوداء لأجزت، ألست الكاتب إلي تبدأ بنفسك، والكاتب إلي تخطب فلانة بنت علي وتزعم أنك ابن سليط بن عبد الله بن العباس؟! لقد ارتقيت، لا أم لك، مرتقى صعباً، فأخذ أبو مسلم بيده يعركها ويقبلها ويعتذر إليه، فقال المنصور، وهو آخر ما كلمه: قتلني الله إن لم أقتلك، ثم صفق بإحدى يديه على الأخرى، فخرج إليه القوم، فضربه عثمان بن نهيك ضربة خفيفة بالسيف قطعت نجاد سيفه، وضربه آخر فقطع رجله واعتورته السيوف فقضت عليه، والمنصور يصيح: اضربوا قطع الله أيمانكم، وقد تقدم في حرف الخاء طرف آخر من هذا الفصل.
الرويثة [1] :
بضم أوله وفتح ثانيه وبالثاء المثلثة، قرية جامعة بينها وبين المدينة سبعة عشر فرسخاً، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينزل تحت سرحة ضخمة عن يمين الطريق، ووجاه الطريق، في مكان سهل حتى يفضي من أكمة دون الرويثة بميلين وتكون الرويثة آهلة أيام الحاج، وفيها برك للماء يقال لها الأحساء، ومن الرويثة إلى العرج أربعون ميلاً. الروحاء[2] :
قرية جامعة لمزينة على ليلتين من المدينة، بينهما أحد وأربعون ميلاً. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " والذي نفسي بيده ليهلن ابن مريم بفج الروحاء حاجاً أو معتمراً أو ليثنينهما، وروى غير واحد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال، وقد صلى في المسجد الذي ببطن الروحاء عند عرق الظبية: " هذا واد من أودية الجنة، قد صلى في هذا المسجد قبلي سبعون نبياً، وقد مر به موسى بن عمران حاجاً أو معتمراً في سبعين ألفاً من بني إسرائيل على ناقة له ورقاء، عليه عباءتان قطويتان يلبي، وصفاح الروحاء تجاوبه ". وقال مالك: إذا كانت القرية متصلة البيوت كالروحاء وشبهها لزمتهم الجمعة.
قيل: وسميت الروحاء لكثرة أرواحها، وفيها ما يزعمون أنه قبر مضر بن نزار. والروحاء هي السيالة [3] وفيها أهل وسوق صغير، [1] معجم ما استعجم 2: 686. [2] معجم ما استعجم 2: 681 - 683. [3] كذا، وقال البكري (السيالة) : ومنها إلى الروحاء اثنا عشر ميلاً: وقال عرام (ص: 17) وهو يعد القرى الواقعة في جبل ورقان: وبسفحه من عن يمين السيالة ثم الروحاء ثم الرويئة وقال الشيخ الجاسر في تعليقاته على ((بلاد العرب)) (407) والروحاء لا تزال معروفة، بعد قرية المسيجيد للمتوجه إلى المدينة، والسيالة بعد الروحاء إلى المدينة.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 277