اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 264
ذلك التل، واجتمع أهل الميت هناك فأكلوا وشربوا ثم انصرفوا، وإن كان لميت ثلاث نسوة فزعمت واحدة منهن أنها محبة له قامت عند بيتها إلى خشبتين فأقامتهما في جرف أرض ثم وضعت خشبة أخرى معترضة على رأسها، وتعلق من طرف الخشبة حبلاً ثم تشد طرفه في عنقها وهي قائمة على كرسي من تحتها فتبقى معلقة حتى تختنق وتموت، فإذا ماتت المرأة ألقيت في النار وأحرقت. وهم كلهم عبدة نيران وأكثر زرعهم الدخن، فإذا كان أيام حصادهم وذريهم أخذوا من حب الدخن في مغرفة ثم رفعوه نحو السماء ويقولون: يا ربنا أنت الذي رزقتنا فأتمم نعمتك علينا، ولهم ضروب من العيدان والطنابير والمزامير، ومزمارهم يكون في طول ذراعين، وجمودهم عليه من الأوتار ثمانية، وأنبذتهم العسل، يطربون عند حرق الميت ويزعمون أنهم يفرحون برحمة ربهم إياه، وليس لهم من البراذين إلا القليل ولا يكون عند رجل منهم دابة إلا عند رجل مذكور، وأكثر ثيابهم القمص، وسلاحهم المزاريق والأترسة والرماح، ولملكهم دواب أكله مما يحلب من ألبانها، ويشتد البرد في بلادهم حتى يحفر الرجل منهم السرب تحت الأرض ثم يجعل له سقفاً من خشب يلقي عليه التراب، ويدخل الرجل بعياله ويضرم فيه النار حتى يحمى، وإذا صار إلى غايته رش عليه الماء فينتشر البخار في البيت، وتسكن هذه البيوت إلى أيام الربيع.
وليس في نسائهم زنا، إلا ان الجارية إذا أحبت رجلاً صارت إليه فأقامت عنده ما أحبت، فإن وجدها زوجها عذراء قال لها: لو كان فيك خير وكان لك جمال لرغب فيك الرجال واخترت لنفسك من يأخذ عذرتك، فيخرجها ويتركها.
الران:
مدينة من بلاد أرمينية.
الرامي [1] :
جزيرة الرامي بالهند متصلة بجزيرة سرنديب، وهي مدينة الهند وبها عدة ملوك وفيها معادن وطيب، وطولها سبعمائة فرسخ في مثلها، وقيل ثمانمائة فرسخ في مثلها، وفيها الكركدن وهو دابة تكون دون الجمل وفوق الجاموس وفي عنقها عوج كعوج عنق الجمل، لكن اعوجاجه خلاف اعوجاج عنق الجمل، ورأسها مما يلي يديها، ولها قرن في وسط جبهتها طويل، في غلظه قبضتان، ويقال إن بعض هذه القرون إذا شقت ظهرت فيها صورة إنسان وصورة طائر وغيره من الصور كاملة الشكل بيضاء وهذا القرن الذي توجد فيه هذه الصورة تصنع منه مناطق تساوي قيمة كبيرة، وتكون الصورة التي توجد فيه من أوله إلى آخره. وحكى الجاحظ أن هذه الدابة تقيم في جوف أمها سبع سنين، وأنها تخرج رأسها وعنقها من فرج أمها فترعى الحشيش ثم تعيد رأسها إلى جوف أمها فإذا ابتدأ تكون قرنها امتنعت من الخروج إلى المرعى على حسب عادتها فتنقر في جوف أمها حتى تشقه فتخرج منه فتموت الأم، ومن الناس من يضعف هذا الخبر لأنه يقتضي فناء الأمهات.
وملوك الهند تصنع من قرن هذه الدابة أنصبة السكاكين للموائد وإذا وضع الطعام بين أيديهم وكان فيه سم عرق ذلك النصاب فيعلم بذلك أن الطعام مسموم.
وجزيرة الرامي طيبة الثرى معتدلة الهواء عذبة المياه، وفيها بلاد عدة وقرى ومعاقل، وفيها ينبت البقم وهو يشبه نبات الدفلى وخشبه أحمر وعروقه دواء من سم الأفاعي والحيات، قالوا: وقد جرب ذلك فصح.
وفي هذه الجزيرة جواميس لا أذناب لها، وفي غياض هذه الجزيرة ناس عراة لا يفهم كلامهم، وهم يستوحشون من الناس وطول الواحد منهم أربعة أشبار وله ذكر صغير وكذلك للمرأة منهم فرج صغير، وشعورهم زغب أحمر، ولا يلحقون لسرعة جريهم.
وبساحل هذه الجزيرة قوم يلحقون المراكب وهي تجري بالريح الطيبة، ويبيعون العنبر من أصحاب المراكب بالحديد، ويتجهز من هذه الجزيرة بالكافور الطيب وبها منه كثير، وشجره عظام تظل مائة رجل ومائتين وأكثر وأقل، ينقر أعلاها فيسيل منه الماء كافوراً، فإذا كان في آخره خرج أبيض، ثم ينقر أسفل ذلك بأوسط الشجر فينساب عليهم الكافوركأنه قطع الرخام في البياض ويسيل كما يسيل الصمغ، وهو صمغ هذا الشجر، ويتجهز منها أيضاً بضروب الأفاويه واللؤلؤ الفائق في الجودة. ومن هذه الجزيرة إلى سرنديب ثلاثة أيام.
رأس عين [2] :
وبعضهم يقول راس العين، واسمها عين الوردة، [1] الإدريسي (ق) : 12 - 15 (OG: 75) ، وابن الوردي: 62، وتكتب أحياناً (الرامني) أو (الرامن) ، وتقابل سومطرة (حدود العالم: 187) . [2] أكثر المادة عن رحلة ابن جبير 242 - 244، وقارن بياقوت (رأس عين) ،ومعجم ما استعجم 2: 623، وابن حوقل: 200، والكرخي: 53.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 264