اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 24
أصحاب المعادن. قال: فخرجوا من عنده إلى كل ملك في الدنيا يأمره أن يجمع له ما في بلاده من جوهرها ويحضر معادنها، فانطلق أولئك القهارمة فبعثوا إلى كل ملك من الملوك بكتاب في أخذ ذلك وأخذ الفعلة في طلبهم له موضعاً كما أراد ووصفه لهم من البساتين وإجراء الأنهار وغرسهم الأشجار، وعملوا في ذلك عشر سنين، فقال معاوية رضي الله عنه: وكم عدد الملوك الذين كانوا تحت يده؟ قال: مائتان وستون ملكاً قسمها بينهم كل ملك على حدة وما عليه من الخراج، قال: فخرج القهارمة فشدوا في الصحراء ليجدوا ما يوافقه، فلم يجدوا ذلك حتى وقعوا على صحراء عظيمة نقية من التلال والجبال، فإذا هم بعيون مطردة، فقالوا: هذه صفة إرم التي أمرنا بها، فأخذوا بقدر الذي أمرهم من العرض والطول ثم جعلوا ذلك حدوداً محدودة ثم عمدوا إلى مواضع الأزقة التي فيها الحدود فأجروا فيها قنوات لتلك الأنهار ثم وضعوا الأساس من صخور الجزع اليماني وصبوا طين ذلك الأساس من مر ولبان ومحلب، فلما فرغوا مما وضعوا من الأساس وأجروا القنوات أرسلت إليهم الملوك بالزبرجد والياقوت والذهب والفضة واللؤلؤ والجوهر، كل ملك قد عمل ما كان في معدنه، فمنهم من بعث بالعمد مفروغاً منها، ومنهم من بعث بالذهب والفضة مفروغاً منها مصنوعاً، فدفعوه إلى أولئك القهارمة والوزراء، فأقاموا فيها حتى فرغوا من بنائها وهي على تلك العمد، وهي قصور وفوق القصور غرف ومن فوق الغرف غرف مبنية بالذهب والفضة والزبرجد والياقوت، وأقاموا في بنائها إلى أن فرغوا منها ثلثمائة سنة، وكان عمر شداد تسعمائة سنة، قال كعب: فلما أخبروه بفراغهم منها قال: انطلقوا فاجعلوا عليها حصناً واجعلوا حول الحصن ألف قصر يكون في كل قصر وزير من وزرائي وألف ناطور، قال: فخرجوا فعملوا تلك الحصون والقصور ثم أخبروه بالفراغ مما أمرهم به، قال: فأمر ألف وزير من خاصته أن يتهيئوا للنقلة إلى إرم ذات العماد، وأمر لتلك الأعلام برجال يسكنونها وأمر لهم بالعطاء والأرزاق والجهاز إلى تلك القصور، فأقاموا في جهازهم إليها عشر سنين، فسار الملك فيمن أراد وخلف من قومه في عدن أبين والشحر أكثر ممن سار، فلما صار منها على مقربة من يوم وليلة بعث الله تعالى العظيم عليه وعلى من كان معه صيحة من السماء فأهلكهم جميعاً ولم يبق منهم أحد، ولم يدخل ذات العماد منهم أحد، ولم يقدر على دخولها أحد منهم حتى الساعة، فهذه صفة ذات العماد، وسيدخلها رجل من المسلمين في زمانك هذا ويرى ما فيها ويحدث بذلك فلا يصدق، قال له معاوية رضي الله عنه: يا أبا إسحاق هل تصفه لنا؟ قال: نعم، رجل أحمر أشقر قصير على حاجبه خال وعلى عنقه خال، يخرج ذلك الرجل في طلب إبل له في تلك الصحارى فيقع على ذات العماد، فيدخلها ويحمل مما فيها والرجل جالس عندك، فالتفت كعب فرأى الرجل فقال: هذا ذلك الرجل قد دخلها فسله عما حدثتك به، فقال معاوية رضي الله عنه: يا أبا إسحاق إن هذا من خدمي، قال: فقد دخلها وإلا فسيدخلها أو يدخلها أهل هذا الدين في آخر الزمان، فقال معاوية رضي الله عنه: لقد فضلك الله يا أبا إسحاق على غيرك من العلماء، ولقد أعطيت من علم الأولين، والآخرين ما لم يعط أحد، فقال كعب: والذي نفس كعب بيده ما خلق الله عز وجل شيئاً إلا وقد فسره في التوراة لعبده موسى وكفى بالله وكيلاً. بها، فأخذوا بقدر الذي أمرهم من العرض والطول ثم جعلوا ذلك حدوداً محدودة ثم عمدوا إلى مواضع الأزقة التي فيها الحدود فأجروا فيها قنوات لتلك الأنهار ثم وضعوا الأساس من صخور الجزع اليماني وصبوا طين ذلك الأساس من مر ولبان ومحلب، فلما فرغوا مما وضعوا من الأساس وأجروا القنوات أرسلت إليهم الملوك بالزبرجد والياقوت والذهب والفضة واللؤلؤ والجوهر، كل ملك قد عمل ما كان في معدنه، فمنهم من بعث بالعمد مفروغاً منها، ومنهم من بعث بالذهب والفضة مفروغاً منها مصنوعاً، فدفعوه إلى أولئك القهارمة والوزراء، فأقاموا فيها حتى فرغوا من بنائها وهي على تلك العمد، وهي قصور وفوق القصور غرف ومن فوق الغرف غرف مبنية بالذهب والفضة والزبرجد والياقوت، وأقاموا في بنائها إلى أن فرغوا منها ثلثمائة سنة، وكان عمر شداد تسعمائة سنة، قال كعب: فلما أخبروه بفراغهم منها قال: انطلقوا فاجعلوا عليها حصناً واجعلوا حول الحصن ألف قصر يكون في كل قصر وزير من وزرائي وألف ناطور، قال: فخرجوا فعملوا تلك الحصون والقصور ثم أخبروه بالفراغ مما أمرهم به، قال: فأمر ألف وزير من خاصته أن يتهيئوا للنقلة إلى إرم ذات العماد، وأمر لتلك الأعلام برجال يسكنونها وأمر لهم بالعطاء والأرزاق والجهاز إلى تلك القصور، فأقاموا في جهازهم إليها عشر سنين، فسار الملك فيمن أراد وخلف من قومه في عدن أبين والشحر أكثر ممن سار، فلما صار منها على مقربة من يوم وليلة بعث الله تعالى العظيم عليه وعلى من كان معه صيحة من السماء فأهلكهم جميعاً ولم يبق منهم أحد، ولم يدخل ذات العماد منهم أحد، ولم يقدر على دخولها أحد منهم حتى الساعة، فهذه صفة ذات العماد، وسيدخلها رجل من المسلمين في زمانك هذا ويرى ما فيها ويحدث بذلك فلا يصدق، قال له معاوية رضي الله عنه: يا أبا إسحاق هل تصفه لنا؟ قال: نعم، رجل أحمر أشقر قصير على حاجبه خال وعلى عنقه خال، يخرج ذلك الرجل في طلب إبل له في تلك الصحارى فيقع على ذات العماد، فيدخلها ويحمل مما فيها والرجل جالس عندك، فالتفت كعب فرأى الرجل فقال: هذا ذلك الرجل قد دخلها فسله عما حدثتك به، فقال معاوية رضي الله عنه: يا أبا إسحاق إن هذا من خدمي، قال: فقد دخلها وإلا فسيدخلها أو يدخلها أهل هذا الدين في آخر الزمان، فقال معاوية رضي الله عنه: لقد فضلك الله يا أبا إسحاق على غيرك من العلماء، ولقد أعطيت من علم الأولين، والآخرين ما لم يعط أحد، فقال كعب: والذي نفس كعب بيده ما خلق الله عز وجل شيئاً إلا وقد فسره في التوراة لعبده موسى وكفى بالله وكيلاً.
أربونة (1)
مدينة هي آخر ما كان بأيدي المسلمين من مدن الأندلس وثغورها مما يلي بلاد الإفرنجية، وقد خرجت عن أيدي المسلمين سنة ثلاثين وستمائة مع غيرها مما كان في أيديهم من المدن والحصون. الأربس (2)
مدينة بينها وبين قيروان إفريقية مسيرة ثلاثة أيام وبينها وبين باجة مرحلتان، وهي في وطاء من الأرض، بوسطها عين جارية لا تجف منها شرب أهلها وماؤها صحيح، وبها معدن حديد ولا شجر بها إنما هي مزارع الحنطة والشعير ويدخر منها الكثير، وهي مدينة مسورة ولها ربض كبير وبأرضها يكون أطيب الزعفران، وتعرف ببلد العنبر، وإليها سار إبراهيم بن الأغلب حين خرج من القيروان، وفي سنة ست وتسعين ومائتين زحف إليها أبو عبد الله الشيعي فنازلها وبها جمهور أجناد إفريقية مع إبراهيم ففر عنها إبراهيم في جماعة من القواد والجند إلى طرابلس، ودخلها الشيعي أبو عبد الله عنوة، ولجأ أهلها ومن بقي فيها من الجند إلى جامعها وقيل إنه قتل بداخل المسجد ثلاثون ألفاً وذلك من وقت صلاة العصر إلى آخر الليل، فكانت ولاية بني الأغلب بإفريقية مائة سنة وإحدى عشرة سنة، ومدينة الأربس في وطاء من
(1) روفنسال: 11 - 12 والترجمة: 16 (Narbonne) .
(2) الإدريسي (د) : 117، ونزهة المشتاق: 86، والبكري: 46 (اربس) .
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 24