responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم    الجزء : 1  صفحة : 227
أمورهم وما أجد شيئاً يا أمير المؤمنين هو أبلغ في قضاء حقك وتوقير مجلسك وما من الله تعالى علي به من مجالستك من أن أذكرك نعم الله تعالى عليك وأنبئك بشكرها، وما أجد في ذلك شيئاً هو أبلغ من حديث من سلف قبلك من الملوك، فإن أذن أمير المؤمنين أخبرته به، قال: فاستوى جالساً وكان متكئاً وقال: هات يا ابن الأهتم، قال، فقلت: يا أمير المؤمنين إن ملكاً من الملوك قبلك خرج في عام مثل عامك هذا إلى الخورنق والسدير في عام قد بكر وسميه وتتابع وليه وأخذت الأرض ألوان زينتها في ربيع مونق فهي في أحسن منظر وأجمل مختبر بصعيد كأن ترابه قطع الكافور وكان قد أعطي فتاء السن مع الكبرة والعظمة والقهر، فنظر فأبعد النظر، ثم قال لجلسائه: لمن مثل هذا، هل رأيتم مثل ما أنا فيه؟ وهل أعطي أحد مثل ما أعطيت؟ قال: وعنده رجل من بقايا حملة الحجة والمضي على آداب الحق ومنهاجه، قال: ولم تخل الأرض من قائم لله عز وجل بحجته في عباده، فقال: أيها الملك إنك قد سألت عن أمر فتأذن في الجواب عنه؟ قال: نعم، قال: أرأيت هذا الذي أنت فيه، أهو شيء لم تزل فيه أم صار ميراثاً إليك وهو زائل عنك وصائر إلى غيرك كما صار إليك؟ قال: كذلك هو، قال: فلا أراك إلا أعجبت بشيء يسير تكون فيه قليلاً ثم تغيب عنه طويلاً، وتكون غداً بحسابه مرتهناً، قال: ويحك فأين المهرب وأين المطلب؟ قال: إما أن تقيم في ملكك فتعمل بطاعة ربك على ما ساءك وسرك ومضك وأرمضك، وإما أن تضع تاجك وتلبس أمساحك وتعبد ربك حتى يأتيك أجلك، قال: فإذا كان السحر فاقرع علي بابي، فإن اخترت ما أنا فيه كنت لي وزيراً لا تعصى، وإن اخترت فلوات الأرض وقعر البلاد كنت رفيقاً لا يخالف، قال: فقرع عليه عند السحر بابه فإذا هو قد وضع تاجه ولبس أمساحه وتهيأ للسياحة، فلزما والله هذا الجبل حنى أتاهما أجلهما، وهو حيث يقول علي بن زيد أخو بني تميم [1] :
أيها الشامت المعير بالده ... ر أأنت المبرأ الموفور
أم لديك العهد الوثيق من الأي ... ام بل أنت جاهل مغرور
من رأيت المنور خلدن أم من ... ذا عليه من أن يضام خفير
أين كسرى كسرى الملوك أنوشر ... وان أم أين قبله سابور
وبنو الأصفر الكرام ملوك ال ... روم لم يبق منهم مذكور
وأخو الحضر إذ بناه وإذ دج ... لة تجبى إليه والخابور
شاده مرمراً وجلله كل ... ساً فللطير في ذراه وكور
لم يهبه ريب المنون فباد ال ... ملك عنه فبابه مهجور
وتذكر رب الخورنق إذ أش ... رف يوماً وللهدى تفكير
سره ماله وكثرة ما يم ... لك والبحر معرض والسدير
فارعوى قلبه وقال وما غب ... طة حي إلى الممات يصير
ثم بعد الصلاح والملك والأم ... ة وارتهم هناك القبور
ثم صاروا كأنهم ورق ج ... ف فألوت به الصبا والدبور قال: فبكى والله هشام حتى اخضلت لحيته وبل عمامته فأمر بنزع أبنيته وبنقلان قرابته وأهله وحشمه وغاشيته من جلسائه، ولزم قصره، فأقبلت الموالي والحشم على خالد بن صفوان فقالوا: ما أردت إلى أمير المؤمنين، أفسدت عليه لذته ونغصت عليه مأدبته، فقال: إليكم عني، فإني عاهدت الله تعالى عهداً ألا أخلو بملك إلا ذكرته الله عز وجل.
وهذا الملك الذي ذكره خالد بن صفوان هو النعمان بن امرئ القيس جد النعمان بن المنذر.

[1] ديوان عدي: 78 - 90.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم    الجزء : 1  صفحة : 227
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست