responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم    الجزء : 1  صفحة : 217
وأعلى مكانه، وأتى ببابك فوقف بين يديه فقال له المعتصم: أنت بابك؟ فلم يجب، وكررها عليه مراراً وبابك ساكت، فقام إليه الأفشين فقال له: الويل للآخر، أمير المؤمنين يخاطبك وأنت ساكت؟ فقال: نعم أنا بابك، فسجد المعتصم عند ذلك، وأمر به فقطعت يداه ورجلاه. وفي رواية أنه قال له: نعم أنا عبدك وغلامك، وكان اسم بابك الحسين واسم أخيه عبد الله، فقال: جردوه، فسلبه الخزان ما كان عليه من الزينة فقطعت يمينه وضرب بها وجهه وفعل بيساره كذلك وثلث برجل وهو يتمرغ في النطع في دمه، وقد كان تكلم بكلام كثير يرغب في أموال عظيمة قبله فلم يلتفت إلى قوله، فأقبل يضرب بما بقي من يديه وجهه، فأمر المعتصم السياف أن يدخل السيف بين ضلعين من أضلاعه أسفل من القلب ليكون أطول لعذابه ففعل ذلك، ثم أمر بحز رأسه وضم أطرافه إلى جسده فصلب ثم حمل رأسه إلى مدينة السلام فنصب على الجسر، وحمل بعد ذلك إلى خراسان فطيف به في مدينة مدينة [1] من مدنها وكورها لما كان في الناس من استفحال أمره وعظم شأنه وكثرة جيوشه وإشرافه على إزالة ملك وقلب ملة وتبديلها، وحمل أخوه عبد الله مع الرأس إلى مدينة السلام ففعل به إسحاق بن إبراهيم أميرها ما فعل ببابك بسر من رأى، وصلبت جثة بابك على خشبة طويلة في أقاصي عمارة سامراء يومئذ، وموضعه مشهور إلى هذه الغاية يعرف بخشبة بابك، فقام في مجلس المعتصم الخطباء فتكلمت بالتهنئة وقالت الشعراء في ذلك، وتوج الأفشين بتاج ذهب مرصع بالجوهر وإكليل ليس فيه إلا الياقوت الأحمر والزمرد الأخضر قد شبك بالذهب وألبس وشاحين، وزوج المعتصم الحسين [2] بن الأفشين بأترجة بنت أشناس وزفت إليه وأقيم لها عرس يجاوز المقدار في الجمال والحسن وكانت توصف بجمال وكمال، ولما زفت إليه قال المعتصم: أنت بابك؟ فلم يجب، وكررها عليه مراراً وبابك ساكت، فقام إليه الأفشين فقال له: الويل للآخر، أمير المؤمنين يخاطبك وأنت ساكت؟ فقال: نعم أنا بابك، فسجد المعتصم عند ذلك، وأمر به فقطعت يداه ورجلاه. وفي رواية أنه قال له: نعم أنا عبدك وغلامك، وكان اسم بابك الحسين واسم أخيه عبد الله، فقال: جردوه، فسلبه الخزان ما كان عليه من الزينة فقطعت يمينه وضرب بها وجهه وفعل بيساره كذلك وثلث برجل وهو يتمرغ في النطع في دمه، وقد كان تكلم بكلام كثير يرغب في أموال عظيمة قبله فلم يلتفت إلى قوله، فأقبل يضرب بما بقي من يديه وجهه، فأمر المعتصم السياف أن يدخل السيف بين ضلعين من أضلاعه أسفل من القلب ليكون أطول لعذابه ففعل ذلك، ثم أمر بحز رأسه وضم أطرافه إلى جسده فصلب ثم حمل رأسه إلى مدينة السلام فنصب على الجسر، وحمل بعد ذلك إلى خراسان فطيف به في مدينة مدينة من مدنها وكورها لما كان في الناس من استفحال أمره وعظم شأنه وكثرة جيوشه وإشرافه على إزالة ملك وقلب ملة وتبديلها، وحمل أخوه عبد الله مع الرأس إلى مدينة السلام ففعل به إسحاق بن إبراهيم أميرها ما فعل ببابك بسر من رأى، وصلبت جثة بابك على خشبة طويلة في أقاصي عمارة سامراء يومئذ، وموضعه مشهور إلى هذه الغاية يعرف بخشبة بابك، فقام في مجلس المعتصم الخطباء فتكلمت بالتهنئة وقالت الشعراء في ذلك، وتوج الأفشين بتاج ذهب مرصع بالجوهر وإكليل ليس فيه إلا الياقوت الأحمر والزمرد الأخضر قد شبك بالذهب وألبس وشاحين، وزوج المعتصم الحسين بن الأفشين بأترجة بنت أشناس وزفت إليه وأقيم لها عرس يجاوز المقدار في الجمال والحسن وكانت توصف بجمال وكمال، ولما زفت إليه قال المعتصم:
زفت عروس إلى عروس ... بنت رئيس إلى رئيس
أيهما كان ليت شعري ... أجل في الصدر والنفوس
أصاحب المرهف المحلى ... أم ذو الوشاحين والشموس وكان مازيار بن قاران [3] صاحب جبال طبرستان عصى في أيام المعتصم وكثرت عساكره واتسعت جيوشه، وكتب المعتصم إليه يأمره بالحضور فأبى، فكتب إلى عبد الله بن طاهر يأمره بحربه فسير إليه من نيسابور عمه الحسن بن الحسين بن مصعب فنزل مدينة السارية من بلاد طبرستان بعد حروب كثيرة كانت له مع المازيار، وأتت الحسن بن الحسين عيونه بركوب محمد بن قاران وهو المازيار للصيد في نفر يسير، فبادره الحسن وناوشه الحرب فأسره، وحمل إلى سامراء، فأقر على الأفشين أنه بعثه على الخروج والعصيان لمذهب كانا قد اجتمعا عليه ودين اتفقا عليه من مذهب الثنوية والمجوس، وقبض على الأفشين قبل قدوم المازيار بيوم وأقر عليه كاتب له يقال له سابور، فضرب المازيار بالسوط حتى مات بعد أن شهر، وصلب إلى جنب بابك، وقد كان المازيار رغب المعتصم في أموال كثيرة يحملها إليه إن هو من عليه بالبقاء فأبى قبول ذلك وتمثل:
إن الأسود أسود الغاب همتها ... يوم الكريهة في المسلوب لا السلب ومالت خشبة بابك إلى خشبة المازيار فتلاقت أجسادهما، وقد كان صلب في ذلك الموضع باطس بطريق عمورية وقد انحنى نحوهما لميل خشبته، ففي ذلك يقول أبو تمام من كلمة له [4] :
ولقد شفى الأحشاء من برحائها ... أن صار بابك جار مازيار
ثانيه في كبد السماء ولم يكن ... لاثنين ثان إذ هما بالغار
فكأنما انحنيا لكيما يطويا ... عن باطس خبراً من الأخبار

[1] سقطت من ع؛ وفي المسعودي: فطيف به في كل مدينة.
[2] المسعودي: الحسن.
[3] المسعودي: قارن (انظر ص: 137 وما بعدها) .
[4] ديوان أبي تمام: 2: 207.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم    الجزء : 1  صفحة : 217
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست