اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 206
غسل رجل من المسلمين فلما دخلت وكشفت عن وجهه إذا بحية في حلقه سوداء فخرجت، ثم قلت لها: أيها العبد المأمور، إن سنة نبينا صلى الله عليه وسلم في الموتى غسلهم فانصرف حتى نقيم فيه سنة نبينا صلى الله عليه وسلم ونعود إلى ما أمرت به، فرأيت الحية قد انسابت من تحت الإزار حتى أتت إلى ناحية البيت فتطوقت، فأخذنا في أمر الرجل، فلما فرغنا منه وأدرجناه في أكفانه وأردنا أن نعقد عقدة الرأس انسابت الحية وأنا أراها حتى دخلت بين الكفن، فتطوقت في عنق الرجل كما كانت، ثم إني سمعت صوتاً مثل صوت الآدميين وهو يقول لي: يا إبراهيم بن عثمان: أجزعت مني؟ لست بحية، أنا ملك سلطني الله تعالى على هذا الرجل آكل لحمه كما كان يأكل لحوم الناس.
حوران:
جبل بالشام، قال النابغة:
بكى حارث الجولان من فقد ربه ... وحوران منه موحش متضائل وقال حسان:
إذا سلكت حوران من بطن عالج ... فقولا لها ليس الطريق هنالك وحوران أيضاً من أعمال دمشق، ومدينتها بصرى، تسير في صحراء حوران عشرة فراسخ في منازل ومزارع حتى تصل إلى مدينة بصرى، وهي مدينة حوران، وفي شرقي هذه المدينة بحيرة فيها تجتمع مياه دمشق وتسير منها في صحراء ورمال مقدار خمسة عشر فرسخاً فتدخل دمشق. الحوأب:
بزيادة همزة بين الواو والباء، ماء قريب من البصرة على طريق مكة، وهو الذي مرت به عائشة رضي الله عنها في توجهها إلى البصرة يوم الجمل، فلما انتهوا بها في الليل إلى ماء لبني كلاب يعرف بالحوأب نبحت كلابهم الركب، فقالت عائشة رضي الله عنها: ما اسم هذا الموضع؟ فقال السائق لجملها: هذا الحوأب، فاسترجعت وذكرت ما قيل لها في ذلك وقالت: إني لهيه، قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ليت شعري أيتكن تنبحها كلاب الحوأب "، وفي رواية أنه صلى الله عليه وسلم قال لها: " لعلك صاحبة الجمل الأذنب تنبحها كلاب الحوأب "، وقالت لهم: ردوني إلى حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا حاجة لي في المسير، فقال الزبير رضي الله عنه: بالله ما هذا الحوأب، ولقد غلط فيما أخبرك به، وكان طلحة رضي الله عنه في ساقة الناس فلحقها وأقسما أن ذلك ليس بالحوأب، وشهد معهما خمسون ممن كان معهما، فكان ذلك أول شهادة زور أقيمت في الإسلام.
وكتبت [1] أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم إلى عائشة أم المؤمنين رضي الله عنهما إذ عزمت على الخروج إلى الجمل: من أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم إلى عائشة أم المؤمنين، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد فإنك سدة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أمته، حجابك مضروب على حرمته، وقد جمع القرآن ذيولك فلا تسحبيها، وسكن عقائرك فلا تقدحيها [1] فالله من وراء هذه الأمة، لو علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن النساء يحتملن الجهاد عهد إليك، أما ترين أنه قد نهاك عن الفراطة في الدين، فإن عمود الدين لا يثبت بالنساء إن مال ولا يرأب بهن إن انصدع، جهاد النساء غض الأطراف وضم الذيول. ما كنت قائلة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لو عارضك ببعض هذه الفلوات ناصة قعودك من منهل إلى منهل، وغداً تردين على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقسم لو قيل لي يا أم سلمة ادخلي الجنة لاستحييت أن ألق رسول الله صلى الله عليه وسلم هاتكة حجاباً ضربه علي. فاجعليه سترك وقاعة البيت حسبك [3] ، فإنك أنصح ما تكونين لهذه الأمة ما قعدت عن نصرتهم، ولو أني حدثتك بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لنهشت نهش الحية الرقشاء المطرقة والسلام.
فأجابتها عائشة رضي الله عنها: من عائشة أم المؤمنين إلى أم سلمة، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد فما أقبلني لوعظك وأعرفني بحق نصيحتك، وما أنا بمعتمرة بعد تعريج، ولنعم المطلع مطلع فرقت فيه بين فئتين متشاجرتين، فإن أقعد فعن غير حرج، وإن أمض فإلى ما لا غنى لي عن الازدياد منه، والسلام.
واستمرت عائشة رضي الله عنها على المشي إلى أن انتهت إلى [1] انظر العقد 4: 316، وبلاغات النساء: 10 - 11، ويقال إن كلثوم بن عمرو العتابي هو الذي صنع هذه المكاتبة والرد عليها. [1] انظر العقد 4: 316، وبلاغات النساء: 10 - 11، ويقال إن كلثوم بن عمرو العتابي هو الذي صنع هذه المكاتبة والرد عليها. [3] العقد: وقاعة البيت حصنك.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 206