اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 200
أو كالتي يحسبها أهلها ... عذراء بكراً وهي في التاسع
كنا نرفيها فقد مزقت ... واتسع الخرق على الراقع
كالثوب إذ أنهج فيه البلى ... أعيا على ذي الحيلة الصانع فلم يستتم مروان قراءة هذا الكتاب حتى مثل أصحابه بين يديه ممن كان وكل بالطرق رسولاً من خراسان لأبي مسلم إلى إبراهيم بن محمد الإمام يخبره فيه خبره وما آل إليه، فلما تأمل مروان كتاب أبي مسلم قال للرسول: لا ترع كم دفع إليك صاحبك؟ قال: كذا وكذا، قال: فهذه عشرة آلاف درهم وإنما دفع إليك شيئاً يسيراً، فامض بهذا الكتاب إلى إبراهيم ولا تعلمه بشيء مما جرى وخذ جوابه فائتني به، ففعل الرسول ذلك، فتأمل مروان جواب إبراهيم إلى أبي مسلم بخطه يأمره فيه بالجد والاجتهاد والحيلة على عدوه وغير ذلك من أمره ونهيه، فاحتبس مروان الرسول قبله وكتب إلى الوليد بن معاوية بن عبد الملك وهو على دمشق يأمره أن يكتب إلى عامل البلقاء فيسير إلى القرية المعروفة بالكداد والحميمة فيأخذ إبراهيم بن محمد فيشده وثاقاً ويبعث به إليه في خيل كثيفة، فوجه الوليد إلى عامل البلقاء فأتى إبراهيم وهو جالس في مسجد القرية فأخذه وحمل إلى الوليد، فحمله الوليد إلى مروان فحبسه في السجن بحران، فجرى بينه وبين مروان خطب طويل، وأنكر إبراهيم الإمام كل ما ذكر له مروان من أمر أبي مسلم، فقال له مروان: يا منافق أليس هذا كتابك إلى أبي مسلم جواباً عن كتابه إليك، وأخرج له الرسول فقال: أتعرف هذا. فلما رأى ذلك أمسك وعلم أنه أتي من مأمنه. واشتد أمر أبي مسلم، وكان في الحبس مع إبراهيم جماعة من بني هاشم ومن الأمويين كان مروان يخاف أن يخالفوا عليه، فقيل إنه هجم عليهم في الحبس جماعة من موالي مروان من العجم وغيرهم فدخلوا البيت الذي كانوا فيه، فلما أصبح وجدوا قد أتوا عليهم، وكان منهم غلامان صغيران من خدمهم فوجدا كالموتى، قال المخبر: فلما رأونا أنسوا بنا [1] ، فسألناهما عن الخبر فقالا: أما الأمويون [2] فجعلت على وجوههم مخاد وقعدوا فوقها فاضطربوا ثم بردوا، وأما إبراهيم فأدخل رأسه في جراب نورة مسحوقة فاضطرب ساعة ثم خمد، وقيل هدم عليه بيتاً وقيل ألقى عليه قطيفة فقتله غماً وقيل سمه في لبن سقاه إياه.
وفي الحميمة ولد المهدي، وولي ابنه الهادي سنة تسع وستين وستمائة.
حمراء الأسد [3] :
على ثمانية أميال من المدينة عن يسار الطريق إذا أردت ذا الحليفة، وإليها انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم الثاني من يوم أحد لما بلغه أن قريشاً منصرفون إلى المدينة فأقام بحمراء الأسد يومين حتى علم أن قريشاً قد استمرت إلى مكة وقال: " والذي نفسي بيده لقد سومت لهم حجارة لو صبحوا بها كانوا كأمس الذاهب ".
الحمة [4] :
قلعة حصينة شامخة بجزيرة صقلية، هي من أحسن البقاع، والبحر على ثلاثة أميال منها، ولها مرسى عليه حصن يعرف بالمدارج [5] والمراكب سائرة به راجعة عليه ويصاد به التن بالشباك، وسميت هذه القلعة بالحمة لأن فيها حمة حامية يخرج ماؤها من جرف قريب منها، يستحم الناس فيها، وماؤها رطب وبقربها أنهار وأودية عليها أرحاء وبها بساتين وجنات وأبنية ومتنزهات ومزارع طيبة.
حمة مطماطة [6] :
مدينة في جهة قصطيلية بمقربة من مدينة قابس ماؤها شروب وبها نخل كثير، وأهلها موصوفون بالنجدة والشهامة.
وعليها كانت الوقيعة لمنصور الموحدين يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن ملك المغرب على الموارقة والأغزاز سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، لأن المنصور كان تحرك من مراكش إلى البلاد الإفريقية لما بلغه من سوء آثار العرب والموارقة فيها وتحيفهم لبلادها، فاتصل به وهو بتونس ما نال جماعة أصحابه بوطاء [1] ص ع: فلما رأينا أناساً. [2] ص ع: الأميون؛ وحقه أن يقول: الأمويان: الأمويان، لأنه كان في السجين اثنان من بني أمية. [3] معجم ما استعجم 2: 468. [4] الإدريسي (م) : 24 (والترجمة: 39) وقد وضع أماري مقابلها: Begni Segestani. [5] يقول الأستاذ رتزيتانو إن المدارج تقع اليوم في المنطقة المسماة Castellmare del Lido وكذلك هي عند أماري (ص 39 من الترجمة الإيطالية) . [6] رحلة التجاني: 134 - 138، وأنظر البيان المغرب (تطوان) 162 - 165.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 200