اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 193
كيف النجاة أبا خبيب منهم ... فاحتل لنفسك قبل مأتى العسكر ولما انتهى الجيش من المدينة إلى الموضع المعروف بالحرة وعليهم مسلم، خرج إلى حربه أهلها عليهم عبد الله بن مطيع العدوي وعبد الله بن حنظلة الأنصاري، فكانت بينهم وقعة عظيمة قتل فيها خلق من الناس من بني هاشم وسائر قريش والأنصار وغيرهم من سائر الناس، وبايع الناس على أنهم عبيد ليزيد ومن أبى ذلك أمره مسلم على السيف غير علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب السجاد وعلي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنهم، وفي وقعة الحرة يقول محمد بن أسلم:
فإن تقتلونا يوم حرة واقم ... فنحن على الإسلام أول من قتل
ونحن تركناكم ببدر أذلة ... وأبنا بأسياف لنا منكم نفل ونظر الناس إلى علي بن الحسين السجاد وقد لاذ بالقبر الشريف وهو يدعو فأتي به مسرف وهو مغتاظ عليه متبر منه ومن آبائه، فلما رآه ارتعد وقام له وأقعده إلى جانبه وقال له: سلني حوائجك، فلم يسأله في أحد ممن قدم للسيف إلا شفعه فيه وانصرف، فقيل لعلي رضي الله عنه: رأيناك تحرك شفتيك فما الذي قلت؟ قال، قلت: اللهم رب السموات السبع وما أظللن والأرضين السبع وما أقللن ورب العرش العظيم ورب محمد وآله الطاهرين، أعوذ بك من شره وأدرأ بك في نحره، أسألك أن تؤتيني خيره وتكفيني شره، وقيل لمسلم: رأيناك تسب هذا الغلام وسلفه فلما أتي به إليك رفعت منزلته، قال: ما كان ذلك برأي مني ولقد ملىء قلبي منه رعباً.
وأما علي بن عبد الله بن العباس رضي الله عنهما فإن أخواله من كندة منعوه منه وأناس من ربيعة كانوا في جيشه فقال علي رضي الله عنه في ذلك:
أبي العباس قرم بني لؤي ... وأخوالي الملوك بنو وليعه
هم منعوا ذماري يوم جاءت ... كتائب مسرف وبنو اللكيعه
أراد بي التي لا عز فيها ... فحالت دونه أيدي ربيعه ونزل بأهل المدينة من القتل والنهب والسرق والسبي وشبه ذلك أمر عظيم. ثم خرج عنها يريد مكة في جنوده ليوقع بابن الزبير وأهل مكة بأمر يزيد، وذلك سنة أربع وستين، فلما انتهى إلى الموضع المعروف بقديد مات مسرف لعنه الله، فاستخلف على الجيش الحصين بن نمير حتى أتى مكة في محرم سنة أربع وستين، فحاصر مكة وأحاط بها، وعاذ ابن الزبير بالبيت الحرام وسمى نفسه العائذ بالبيت، ونصب الحصين المجانيق والعرادات على مكة والمسجد من الجبال والفجاج، فتواترت أحجار المجانيق والعرادات على البيت ورمي مع الأحجار النار والنفط ومشاقات الكتان فانهدمت الكعبة ووقعت صاعقة فأحرقت من أصحاب المجانيق أحد عشر رجلاً، واشتد الأمر على أهل مكة وابن الزبير إلى أن بلغت الحصين وفاة يزيد بالشام فانحلت العزيمة ثم كانت بينه وبين ابن الزبير مخاطبات فآل الأمر إلى أن انصرف عنه إلى الشام. الحربية[1] :
محلة ببغداد بالجانب الغربي منها جماعة محدثون، فيها قبر هشام بن عروة ومنصور بن عمار وبشر الحافي وأحمد بن حنبل وغيرهم ومنها عيسى بن موسى بن أبي خالد الحربي وله حكاية، قال إبراهيم بن المدبر: جاءني يوماً محمد بن صالح الحسني بعد أن أطلق من السجن فقال: أريد أن أتحدث معك اليوم على خلوة، فقلت: افعل، فخلوت معه وأمرت برد دابته، فلما اطمأن بنا المجلس قال لي: أعلمك أني خرجت في سنة كذا ومن معي من أصحابي على القافلة الفلانية فقاتلنا من كان فيها وهزمناهم، وملكنا القافلة، فبينا أنا أحوزها وأنيخ الجمال إذ طلعت علي امرأة من العمارية ما رأيت قط أحسن وجهاً منها ولا أحلى منطقاً، فقالت: يا فتى إن رأيت أن تدعو لي بالشريف المتولي أمر هذا الجيش فإن لي عنده حاجة، فقلت: قد رأيته وسمع كلامك، فقالت: سألتك بحق الله أنت هو؟ فقلت: نعم وحق رسوله، فقالت: أنا حمدونة بنت عيسى بن موسى بن أبي خالد الحربي، ولأبي محل من سلطانه، ولنا نعمة إن كنت سمعت بها فقد كفاك ما سمعت، وإن كنت لم تسمع بها فسل [1] انظر ياقوت (الحربية) ، وتقع الحربية عند باب حرب، نسبة غلى حرب بن عبد الله البلخي أحد قواد المنصور.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 193