اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 172
لهف نفسي على ليال تقضت ... لي بجمع وأين أيام جمع قالوا: وسميت المزدلفة للجمع بين صلاتي المغرب والعشاء فيها، وعن علي رضي الله عنه قال: لما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف على قزح وقال: هذا قزح وهذا الموقف، وجمع كلها موقف وعن جابر رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: " وقفت هاهنا بعرفة وعرفة كلها موقف، ووقفت هاهنا [1] بجمع وجمع كلها موقف ونحرت هاهنا بمنى ومنى كلها منحر ". جمة[2] :
موضع المهدية من البلاد الإفريقية، ولما بنيت المهدية غلب عليها هذا الاسم، وكان عبيد الله بن عبد الله بن سالم صاحب شرطة زياد ومن مواليه، وسالم جده قتله المهدي على الزندقة، وهو الشيعي الملقب بالمهدي، قد سار يرتاد موضعاً يبني فيه لنفسه مدينة، فجاء تونس ودخل قرطاجنة وغيرها فلم يجد موضعاً أحصن من موضع المهدية فبناها وجعلها دار ملكه، وكان ابتداء بنائها سنة ثلاث وثلثمائة وسماها المهدية، وكان قبل ذلك يقال لها جمة.
وبين المهدية والقيروان ستون ميلاً والبحر قد أحاط بالمهدية من جميع جهاتها إلا من الجانب الغربي وفيه بابها، ولها ربض كبير يسمى زويلة وفيه الأسواق، ودرس ذلك كله ولم يبق الآن إلا حصن المهدية مبنية بالصخر الجليل، ولها بابان من حديد لا خشب فيهما زنة كل واحد منهما ألف قنطار، طوله ثلاثون شبراً، وهو من أعجب ما عمل في الإسلام، وفي المهدية ثلثمائة وستون ماجلاً لماء المطر سوى ما يجري إليها من القناة التي جلب إليها عبيد الله من قرية مشانس، وهي على مقربة من المهدية، ومرسى المهدية من عجائب العالم فإنه منقور في حجر صلد يسع ثلاثين مركباً، وكان على المرسى برجان بينهما سلسلة حديد من أغرب ما عمل، وإذا أرادوا أن تدخل سفينة أرسل حراس البحر السلسلة حتى تدخل السفينة ثم مدوها كما كانت وذلك تحصيناً لئلا تطرقها مراكب الروم من صقلية وغيرها، كما كان ذلك في أيام الحسن بن علي الصنهاجي إذ نزلها عليه الروم وغلبوه عليها وملكوها حتى استنقذها منهم عبد المؤمن بن علي في طلعته إلى إفريقية سنة أربع وخمسين وخمسمائة.
ولابن بشير المهدوي كتاب " الروضة الموشية في شعراء المهدية " [3] ذكر منهم ابن الصبان وأنشد له:
بين المصلى وكثيب الحمى ... أجرت دم الأسد لحاظ الدمى
قالت لتربيها ولم تعلمن ... وكان من شأني أن تعلما
من فيكما بغية هذا الفتى ... بالله قولا لي ولا تكتما
أضحى طموح الطرف لا ينثني ... باللحظ عني لا ولا عنكما
فقلت والعبرة قد أعربت ... عن سر مكنوني الذي استعجما
عيناك قاداني إلى محنتي ... ما آفتي والله إلا هما
يا حبذا جمة من منزل ... وحبذا عيشي بها كيف ما ومن متأخري أهلها عثمان بن عتيق المعروف بابن عربية [4] ، له يذكر المهدية ويتشوق إليها أو إلى من بها من أهله بعد انتقاله عنها إلى تونس [5] :
أقول لركب قافل عن معرس ... بجمة تردي بالحمول مساحجه
لك الله أمتعنا عن البلد الذي ... أكابره أسلافنا وأبالجه [1] سقط من ص ع، وزدته من معجم البكري. [2] انظر افتتاح الدعوة: 91، 275، والبكري: 29، والاستبصار: 117، والإدريسي (د/ ب) : 107/ 78. [3] نسبه في رحلة التجساني: 366 إلى ابن زرشيق، ولعل ابن بشير المهدوي ابن بشير المهدوي المذكور هنا هو ابن بشرون ينقل العماد في الخريدة من كتابه ((المختار في النظم والنثر لأفاضل أهل العصر)) . [4] ع: عبر بها، ص: عرقها؛ والتصويب عن رحلة التجاني: 375، وقد مر التعريف بالشاعر. [5] وردت أبياته في رحلة التجاني: 377، 378.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 172