اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 166
الليف مجلفطة بدقيق اللبان ودهن كلاب البحر المعد لذلك، ونواتية هذه المراكب لهم آلات محكمة موضوعة في أعلى الصاري [1] الذي يكون في مقدم المركب فيجلس النوتي يبصر ما لاح أمامه من التروش التي تحت الماء مخفية فيقول للماسك: خذ إليك وادفع عنك، ولولا ذلك ما عبره أحد وآفاته كثيرة في المراكب، والمسافرون يأوون كل ليلة إلى مواضع يلجأون إليها خوفاً من معاطبه [2] ، وينزلون بها نهاراً ويقلعون نهاراً، حالاً دائمة سير النهار واقامة الليل، وهو بحر مظلم كريه الريح.
جزيرة البركان [3] :
هي جزيرة في قطعة من البحر الشامي ليست بالكبيرة فيها جبل يقذف في بعض الأحايين ناراً عظيمة وقليلاً ما تفتر، وإذا هاجت هذه النار قذفت بالحجارة موقدة وسمع لها دوي يرتاع له ويسمع دويها من بعيد كأنما هي رعود قاصفة، وفي هذه الجزيرة معز برية، وبينها وبين أقرب بر من صقلية خمسة عشر ميلاً.
جزيرة السعالي [4] :
بقرب البحر المظلم الغربي فيها خلق كخلق النساء ولهم أنياب بادية وعيونهم كالبرق وسوقهم كالخشب المحرقة يتكلمون بكلام لا يفهم ويحاربون الدواب البحرية، ولا فرق بين الرجال منهم والنساء إلا بالفروج والذكور لا غير ولا لحى لرجالهم، ولباسهم ورق الشجر.
جزيرة المستشكين [5] :
بقرب البحر المظلم الغربي أيضاً، عامرة فيها جبال وأنهار وزروع، وعلى المدينة حصن عال، وكان فيها فيما سلف على عهد [6] الإسكندر تنين عظيم يبتلع كل من مر به من إنسان أو ثور أو حمار، فلما دخلها الإسكندر واستغاث به أهلها وشكوا إليه إضرار التنين بهم وأنه قد أتلف مواشيهم وأبقارهم حتى أنهم جعلوا له ضريبة في كل يوم ثورين ينصبونهما بمقربة من موضعه فيخرج إليهما فيبتلعهما ثم يعود إلى موضعه ثم يأتون من الغد فيفعلون له ذلك، فقال لهم الإسكندر: يأتيكم هذا التنين من مكان واحد أو من أمكنة كثيرة. قالوا: من مكان واحد،
فقال لهم: أروني مكانه، فانطلقوا به إلى قرب من موضعه ثم نصبوا له الثورين، فأقبل التنين كالسحابة السوداء وعيناه تلمعان كالبرق، فابتلع الثورين وعاد إلى موضعه فأمرهم الإسكندر أن يجعلوا له في اليوم الثاني عجلين وفي الثالث مثل ذاك، فاشتد جوعه، فأمر الإسكندر عند ذلك بثورين عظيمين فسلخا وحشيت جلودهما زفتاً وكبريتاً ونحاساً [7] وزرنيخاً وجعلهما في ذلك المكان فخرج التنين إليهما على عادته فابتلعهما ومضى، فاضطربت تلك الأشياء في جوفه فلما أحس باشتعالها وكان قد جعل في تلك الأخلاط كلاليب حديد، فذهب يتقيأ ذلك من جوفه فتشبكت الكلاليب في حلقه فخر واقعاً وفتح فاه يستروح، فأمر عند ذلك الإسكندر فحميت قطع الحديد وجعلت على ألواح حديد وقذفت في حلق التنين، فاشتعلت الأخلاط في جوفه، فمات وفرج الله تعالى عن أهل تلك الجزيرة، فشكروا الإسكندر عند ذلك وألطفوه وكان فيما حملوه إليه من الألطاف دابة في خلق الأرنب يبرق شعره في صفرة كالذهب في رأسه قرن واحد أسود إذا رأته الأسود وسباع الوحش والطير وكل دابة هربت عنه. جزيرة قلهان[8] :
بقرب البحر المظلم أيضاً، فيها خلق كخلق الإنسان إلا أن رؤوسهم مثل رؤوس الدواب يغوصون في البحر ويخرجون ما قدروا عليه من دوابه فيأكلونها.
جزيرة الأخوين [9] :
بالموضع المذكور، كانا ساحرين، أحدهما شرهام والآخر شرام، كانا بهذه الجزيرة يقطعان على المراكب التي تمر عليهما ويأخذان أهلها وأموالهم، فمسخهما الله تعالى لظلمهما حجرين على ضفة البحر نائمين، ثم عمرت هذه الجزيرة بالناس وهي تقابل مرسى آسفي، ويقال إن الصفاء إذا عم البحر ظهر دخانها من البر.
جزيرة لاقة [10] :
في البحر المحيط الغربي، يقال إن فيها شجر العود كثيراً ولكنه لا رائحة له، فإذا خرج عنها وحمل في البحر طابت روائحه، وهو في ذاته أسود رزين، وكان التجار يقصدونها ويستخرجون العود منها، فيباع في أرض المغرب الأقصى من ملوكه [1] ص ع: الصواري. [2] ص ع: موضع ... إليه ... معاطبها. [3] الإدريسي (م) : 17. [4] نزهة المشتاق: 73، وابن الوردي: 65. [5] نزهة المشتاق: 73، والبكري (مخ) : 37 جزيرة التنين، وابن الوردي: 60. [6] نزهة المشتاق: من قبل عهد. [7] نزهة المشتاق: وكلساً. [8] نزهة المشتاق: 73، وابن الوردي: 61. [9] نزهة المشتاق: 73، وابن الوردي: 61. [10] نزهة المشتاق: 74، وابن الوردي: 61.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 166