اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 159
قالوا [1] : وافتتح رويفع بن ثابت قرية من قرى المغرب يقال لها جربة، فقام خطيباً فقال: يا أيها الناس إني لا أقول لكم إلا ما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فينا يوم خيبر: قام فينا فقال: " لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يصيب المرأة من السبي حتى يستبرئها، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يركب دابة من فيء المسلمين حتى إذا أعجفها ردها، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يلبس ثوباً من فيء المسلمين حتى إذا أخلقه رده فيه "، وكان رويفع هذا ولاه معاوية رضي الله عنه طرابلس فغزا منها إفريقية ودخلها وانصرف من عامه فيقال مات ببرقة، ويقال مات بالشام.
جرش:
باليمن، وهي من البلاد التي كان أهلها اتخذوا الأصنام بعد دين إسماعيل عليه السلام وهم مذحج بن أدد، وهم من الذين قالوا " لا تذرن آلهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعاً " قال ابن إسحاق [2] : وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم صرد بن عبد الله الأزدي فحسن إسلامه في وفد من الأزد، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم على من أسلم من قومه، وأمره أن يجاهد بمن أسلم من كان يليه من أهل الشرك من قبائل اليمن، فخرج صرد يسير بأمر رسول صلى الله عليه وسلم حتى نزل بجرش وهي يومئذ مدينة مغلقة وبها قبائل من اليمن وقد ضوت إليه خثعم، فدخلوا معهم حين سمعوا بمسير المسلمين إليهم فحاصروهم فيها قريباً من شهر وامتنعوا فيها منه، ثم إنه رجع عنهم قافلاً حتى إذا كان إلى جبل لهم يقال له شكر ظن أهل جرش أنه إنما ولى عنهم منهزماً، فخرجوا في طلبه حتى إذا أدركوه عطف عليهم فقتلهم قتلاً شديداً، وكان أهل جرش بعثوا رجلين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة يرتادان وينظران، فبينا هما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد العصر إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بأي بلاد الله شكر؟ "، فقام الجرشيان فقالا: يا رسول الله، ببلادنا جبل يقال له كشر [3] ، وكذلك تسميه أهل جرش، فقال لهما: " ليس بكشر ولكنه شكر "، قالا: فما شأنه يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: " إن بدن الله لتنحر عنده الآن "، فجلس الرجلان إلى أبي بكر أو إلى عثمان رضي الله عنهما فقال لهما: ويحكما إن رسول صلى الله عليه وسلم الآن لينعي لكما قومكما، فقوما إليه فسلاه أن يدعو الله أن يرفع عن قومكما، فقاما إليه فسألاه ذلك، فقال: " اللهم ارفع عنهم "، فخرجا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعين إلى قومهما فوجداهم أصيبوا يوم أصابهم صرد في اليوم الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال وفي الساعة التي ذكر فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ذكر، فخرج وفد جرش حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلموا.
الجرف [4] :
موضع بقرب ودان، وهو على ثلاثة أميال من المدينة، مر به تبع في مسيره فقال: هذا جرف الأرض فلزمه. وقال الزبير رضي الله عنه: الجرف على ميل من المدينة، وقيل على فرسخ من المدينة، وهناك كان المسلمون يعسكرون إذا أرادوا الغزو وفي حديث أنس رضي الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " يأتي الدجال إلى المدينة فيجد على كل نقب من أنقابها صنوفاً من الملائكة فيأتي سبخة الجرف فيضرب رواقه فترجف الملائكة ثلاث رجفات، فيخرج إليه كل منافق ومنافقة ". وفي " الموطأ ": خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أرضه بالجرف فرأى في ثوبه احتلاماً فقال: إني بليت بالاحتلام منذ ولينا أمور المسلمين، فاغتسل وغسل ما في ثوبه من الاحتلام، ثم صلى بعد أن طلعت الشمس.
وبالجرف مات المقداد بن الأسود رضي الله عنه وحمل على أعناق الرجال حتى دفن بالبقيع وصلى عليه عثمان رضي الله عنه ولم يكن في بدر إلا فرس المقداد، وكان أبلق. جرف مواز[5] :
بالأندلس، على قرطبة جبل يقال له جلطراء يشرف على قرطبة وجميع متنزهاتها وقصورها، وهو وعر في الشتاء مزلة لا يستمسك عليه قدم، وفيه يقول بعض الظرفاء:
نشبتي في إخاء من ليس يرعى ... لأخيه الودود حق الإخاء
تشبه الجمر والهواء مطير ... في جنوب الأجراف من جلطراء وفي هذا الجبل جرف منقطع عال جداً تحته هواء بعيد مشرف [1] البكري: 19. [2] الطبري 1: 1729. [3] الطبري: كشر. [4] معجم ما استعجم 2: 376، ورحلة الناصري: 309. [5] بروفنسال: 65، والترجمة: 82.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 159