اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 157
الصلاة والسلام: " اللهم انقل وبأ المدينة إلى مهيعة "، ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وعك أبو بكر وبلال رضي الله عنهما، قالت عائشة رضي الله عنها: فدخلت عليهما فقلت: يا أبة كيف تجدك؟ قالت: وكان أبو بكر رضي الله عنه إذا أخذته الحمى يقول:
كل امرئ مصبح في أهله ... والموت أدنى من شراك نعله ... وكان بلال رضي الله عنه إذا أقلعت عنه يرفع عقيرته ويقول:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ... بواد وحولي إذخر وجليل
وهل أردن يوماً مياه مجنة ... وهل تبدون لي شامة وطفيل قالت عائشة رضي الله عنها: فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: " اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة وأشد وصححها وانقل حماها إلى الجحفة ".
جخندة [1] :
من مدن فرغانة وعلى نهر يأتي من الجنوب، وهي متاخمة لفرغانة وهي في غربي نهر الشاش، وطولها أكثر من عرضها، وهي منضافة إلى فرغانة إلا أنها منفردة عن الأعمال، وقهندز جخندة وجامعها في المدينة، وهي حسنة المنصب كثيرة المتنزهات طيبة الفواكه وبها رمان لا يعدل به يشف حبه لرقة قشره، وفي أهلها جمال ظاهر ومروءة بواطن وزروعها لا تقوم بأهلها فهي تمار من فرغانة واشروسنة وتنحدر إليهم السفن من نهر الشاش، وهو نهر عظيم تجتمع فيه أنهار من حدود بلاد الترك والإسلام، ووراء جخندة مما يلي الشمال جبل شاهق مطل عليها يسمى شاوعر.
جدة [2] :
بلد على ساحل مكة شرفها الله تعالى بينهما أربعون ميلاً، وأهلها مياسير وذوو أموال واسعة ولهم موسم قبل وقت الحج مشهور البركة تنفق فيه البضائع المجلوبة والأمتعة المنتخبة، وليس بعد مكة مدينة من مدن الحجاز أكثر من أهلها مالاً، وبها وال من جهة ناحية صاحب مكة يقبض صدقاتها ولوازمها ومكوسها ولها مراكب كثيرة تتصرف إلى جهات كثيرة، ويصاد بها السمك الكثير، والبقول بها ممكنة، وهي من بنيان الفرس بنوا سورها أتقن بناء وكذلك مساكنها ودورها حتى لا يكون بناء أتقن منها، وكان ينزلها ملوك الفرس التجار القادمين من الآفاق فإنها محط السفن من الهند وعدن واليمن وعيذاب والقلزم وغيرها، وبجدة رباط لأبي هريرة رضي الله عنه معروف، وهي مبنية بالآجر والجص وخشب الساج الهندي والأبنوس الجيد الوافي العود من عشرين شبراً إلى أزيد، وهو على أربع طبقات وخمس، وفي دورها مواجل للماء، وفي أعلى منازلها قباب محكمة، ويذكر أهلها أن من بلغ كسبه مائة ألف دينار بنى على داره قبة يعلم بذلك أن كسبه قد بلغ العدد المذكور، وأهلها أغنى الناس وأكثرهم مالاً، وبها دور كبيرة لها ثلاث قباب وأربع، وبجدة نزلت حواء عليها السلام، وبعرفات تعرفت بآدم، وقيل بجدة قبرها، ومن سار إلى القلزم في البحر من جدة لم يفارق الساحل.
جرباتن [3] :
مدينة بالهند بينها وبين فندرينة خمس مراحل، وهي بلد أرز كثير وحبوب كثيرة، ويذكر أن منها ميرة سرنديب، وفيها ينبت شجر الفلفل كثيراً جداً.
جرجرايا:
بالعراق مدينة على شرقي دجلة بقرب دير العاقول؛ قالوا [4] : من المدائن إلى واسط خمس مراحل أولها دير عاقول وهي مدينة النهروان الأوسط وبها قوم دهاقين، ثم جرجرايا وهي مدينة النهروان الأسفل وهي ديار الأشراف والفرس [5] وهي مدينة كبيرة وبها مسجد جامع ويسقى زرعها بالزرابيق، وبها تتخذ الثياب الميسانية.
وكان محمد بن سيرين من أهل جرجرايا بزازاً وكان مولى أنس بن مالك رضي الله عنه، ومات سنة عشر ومائة بعد الحسن بمائة يوم، وكان أبوه سيرين عبداً لأنس بن مالك كاتبه على [1] أخطأ المؤلف إذ إن الاسم الصحيح هو خجندة - بتقديم الخاء على الجيم، ومن حقها أن يقع التعريف بها في الحرف التالي، وانظر ابن حوقل: 419، ونزهة المشتاق: 218، وياقوت (نقلاً عن الاصطخري) . [2] بعضه عن نزهة المشتاق: 50. [3] في الأصل: جدباش، وما هنا عن نزهة المشتاق: 65، وفي الإدريسي (م) : 35: جربتن. [4] اليعقوبي: 321. [5] اليعقوبي: أشراف الفرس.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 157