اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 150
ثمانين [1] :
سوق ثمانين بين الجزيرة وبلاد الموصل حيث جبل الجودي الذي استوت عليه سفينة نوح عليه السلام حين أرسل الله تعالى الطوفان على قومه، وهو قبل بازبدى، وسوق ثمانين أول مجمع بني أو عرش بعد الغرق، ولم توجد تحت الماء قرية سوى نهاوند، وجدت كما هي لم تتغير، وأهرام الصعيد وبرابيها وهي التي بناها هرمس الأول والعرب تسميه ادريس، وكان [2] قد ألهمه الله تعالى علم النجوم فدلته على أن ستنزل بالأرض آفة وأنه ستبقى من العالم بقية يحتاجون فيها إلى علم، فبنى هو وأهل عصره الأهرام والبرابي وكتب علمه فيها.
وحدث من دخل الجودي أنه دخل الموضع الذي استوت عليه السفينة وذكر أنه ثلاثة أجبل بعضها فوق بعض، يصعد إلى الأول وفي أعلاه جب للماء ثم يصعد إلى الثاني وفي أعلاه جب للماء أيضاً ثم يصعد إلى الجبل الثالث وهو الذي استقرت عليه السفينة، وهناك حجر يقولون إن عليه نزلت وهو شبيه سفينة، وهناك بيعتان للنصارى ومسجد للمسلمين، وسنذكر ذلك في حرف الجيم إن شاء الله تعالى.
وفي أسفل هذا الجبل مدينة ثمانين وهي أول ما ابتنى نوح عليه السلام حين نزل من السفينة فابتنى فيها الثمانون رجلاً الذين كانوا معه ثمانين بيتاً بجنب قرية ثمانين وقيل كان عدد الخارجين من السفينة ثمانين فهذا أصل تسميتها، وليس لهذه المدينة سور، وبها أربعون قبة يذكرون أن في كل قبة منها قبر رجل من أهل السفينة، ولهذه القباب مشهد عظيم يجتمع فيه المسلمون في كل عام ثلاثة أيام.
ومدينة ثمانين أرخص بلاد الله لحماً وسمناً، يكون اللحم فيها سبعة أرطال بدرهم، ورطلهم أربعمائة وخمسون درهماً، والتمر أربعة عشر رطلاً بدرهم.
الثنى [3] :
الثني والمذار بالعراق، وكانت الوقيعة هناك لخالد بن الوليد رضي الله عنه على العجم سنة اثنتي عشرة ويومئذ قال الناس: صفر الأصفار فيه قتل كل جبار على مجمع الأنهار، وهو مذكور في حرف الميم في المذار. ثنية البيضاء[4] :
موضع قريب من مكة فيه وجد الحجاج بن علاط بعد فتح خيبر، وكان أسلم فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لي بمكة مالاً عند صاحبتي أم شيبة بنت أبي طلحة ومالاً متفرقاً في تجار أهل مكة فأذن لي يا رسول الله، فأذن له، قال: لا بد يا رسول الله من أن أقول، قال صلى الله عليه وسلم: " قل "، قال الحجاج: فخرجت حتى إذا قدمت مكة وجدت بثنية البيضاء رجالاً من قريش يستمعون الأخبار ويسألون عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بلغهم أنه سار إلى خيبر وعرفوا أنها قرية الحجاز ريفاً ومنعة ورجالاً فهم يتحسسون الأخبار ويسألون الركبان، فلما رأوني ولم يكونوا علموا بإسلامي قالوا: الحجاج بن علاط عنده والله الخبر، أخبرنا يا أبا محمد، فإنه بلغنا أن القاطع سار إلى خيبر، وهي بلد يهود وريف الحجاز، قلت: قد بلغني ذلك وعندي من الخبر ما يسر، قال: فالتبطوا بجنبي ناقتي يقولون: ايه يا حجاج، قلت: هزم هزيمة لم تسمعوا بمثلها قط، وقتل أصحابه قتلاً لم تسمعوا بمثله قط، وأسر محمد أسراً وقالوا لا نقتله حتى نبعث به إلى مكة فيقتلونه بين أظهرهم بما كان أصاب من رجالهم، قال: فقاموا وصاحوا بمكة وقالوا: قد جاءكم الخبر وهذا محمد إنما تنتظرون أن يقدم به عليكم فيقتل بين أظهركم، قال، قلت: أعينوني على جمع مالي بمكة على غرمائي فإني أريد أن أقدم خيبر فأصيب من فل محمد وأصحابه قبل أن يسبقني التجار إلى ما هنالك، فقاموا فجمعوا لي مالي كأحث جمع سمعت به، وجئت صاحبتي فقلت: مالي، وقد كان لي عندها مال موضوع، لعلي ألحق بخيبر فأصيب من فرص البيع قبل أن يسبقني التجار، قال: فلما سمع العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه الخبر وجاءه عني أقبل حتى وقف إلى جني وأنا في خيمة من خيام التجار فقال: يا حجاج ما هذا الذي جئت به؟ قلت: هل عندك حفظ لما وضعت عندك؟ قال: نعم، قلت: فاستأخر عني حتى ألقاك على خلاء فإني في جمع مالي كما ترى، فانصرف عني حتى أفرغ، قال: حتى إذا فرغت من جمع كل شيء كان لي بمكة وأجمعت الخروج لقيت العباس رضي الله عنه فقلت: احفظ علي حديثي يا أبا الفضل فإني أخشى الطلب ثلاثاً ثم قل ما شئت [1] معجم ما استعجم 1: 344. وياقوت (ثمانين) وابن حوقل 206. [2] مر هذا عند الحديث عن الأهرام. [3] انظر الطبري 1: 2026 قال: والعرب تسمي كل نهر ((الثني)) ؛ وانظر ياقوت ((الثني)) بكسر الثاء وتسكين النون. [4] سيرة ابن هشام 2: 345.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 150