اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 135
تضمن حسبان مجرى النجوم ... وكاد يبوح بسر الفلك
فما كان شراً فللحاسدين ... وما كان خيراً وبشرى فلك تلمسان[1] :
قاعدة المغرب الأوسط، وحد المغرب الأوسط من واد يسمى مجمع وهو في نصف الطريق من مدينة مليانة إلى أول بلاد تازا من بلاد المغرب، وبلاد المغرب في الطول والعرض من البحر الذي على ساحله مدينة وهران ومليلة وغيرهما إلى مدينة سول [2] وهي مدينة في أول الصحراء وهي على الطريق إلى سجلماسة وواركلان وغيرهما من بلاد الصحراء.
ومدينة تلمسان مدينة عظيمة قديمة فيها آثار للأول كثيرة تدل على أنها كانت دار مملكة لأمم سالفة، وبينها وبين وهران مرحلتان وهي في سفح جبل أكثره شجر الجوز وكان لها ماء مجلوب من عمل الأول من عيون تسمى لوريط [3] بينها وبين المدينة ستة أميال، ولها نهر كبير يسمى سطفسيف.
وكانت تلمسان دار مملكة زناتة في هذه العصور القريبة وحواليها قبائل كثيرة من زناتة وغيرهم من البربر. وهي كثيرة الخصب والرخاء كثيرة الخيرات والنعم، ولها قرى كثيرة وعمائر متصلة ومدن كثيرة ترجع إلى نظرها. ولها خمسة أبواب ثلاثة منها في القبلة: باب الحمام وباب وهيب [4] وباب الخوخة وفي الشرق باب العقبة وفي الغرب باب أبي قرة، وفيها بقية من النصارى ولهم بها كنيسة معمورة.
ولها [5] سور متقن الوثاقة، وهي مدينتان في واحدة، ولها نهر يأتيها من جبلها المسمى الصخرتين ونهر شرقي المدينة وعليه أرحاء كثيرة، ومزارعها كثيرة وفواكهها جمة ولحومها شحمة، ولم يكن في بلاد المغرب بعد أغماك وفاس أكثر من أهلها أموالاً ولا أرفه حالاً وفاس أكبر من تلمسان نظراً وأجل قدراً وأكثر خيراً ومالاً وأعلى همة في المباني واتخاذ الديار الحسنة.
ومدينة تلمسان أول بلاد المغرب، وهي على طريق الداخل والخارج منه ولا بد من الاجتياز عليها على كل حال. ونزلها [6] محمد بن سليمان بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، ومن ولده عيسى أبو العيش بن ادريس بن محمد بن سليمان الذي بنى جراوة وكان أميرها وبها توفي. ولم تزل تلمسان داراً للعلماء والمحدثين وأهل الرأي على مذهب مالك. وفي الجنوب من تلمسان قلعة ابن الجاهل وهي قلعة منيعة كثيرة الثمار والأنهار ويتصل بها جبل تارني وهو وما يليه جبال مصمودة، وهو جبل كبير معمور فيه القرى الكثيرة والعمائر المتصلة. وفي الشمال من مدينة تلمسان قرية كبيرة تسمى باب القصر فوقها جبل يسمى جبل الفضل [7] ينبعث من أسفله نهر سطفسيف ويصب في بركة عظيمة من عمل الأول ويسمع لوقوعه فيها خرير شديد هائل على مسافة ثم ينبثق من تلك البركة بحكمة مدبرة إلى موضع يسمى المهراز [8] فيسقي هناك مزارع وأولاجاً كثيرة تسمى أولاج الجنان [9] وتلك المواضع من أجل بقاع تلك البلاد ثم يصب في نهر تافنا وهو النهر المتصل بمدينة أرشقول، ولتلمسان فحص طوله خمسة وعشرون ميلاً، ومدينة أرشقول على نهر تافني يقبل من قبليها ويسير بشرقيها، تدخل فيه السفن اللطاف من البحر إلى المدينة، وبينهما ميلان.
وكان هذا الغرب الأوسط قد تملكه العلويون [10] من بني ادريس وتسموا بالخلافة، ولم تزل تلمسان على قديم الزمان مخطوبة مرغوباً فيها، وكانت امتنعت على عبد المؤمن بن علي فتوجه إليها بالعساكر صاحبه الشيخ المعظم أبو حفص صاحب الإمام المهدي، فنزل عليها وحاصرها حتى فتحها غب مطاولات ومجاولات، وبعد لأي ما انقادوا وحسنت طاعتهم وذلك في سنة إحدى وأربعين وخمسمائة.
وقصدها [11] يحيى بن إسحاق في سنة خمس وستمائة لما والى صاحب إفريقية عليه الهزائم الإفريقية ويئس منها وقال لأصحابه: [1] الاستبصار: 176، والبكري: 76. [2] البكري: تيزل؛ والاستبصار: تنزل. [3] الاستبصار: بوريط؛ وجعله اسماً للنهر لا للعيون؛ وعند البكري ((لوريط)) باللام. [4] البكري: وهب. [5] الإدريسي (د/ ب) : 80/ 54. [6] عاد إلى النقل عن البكري: 77. [7] البكري: البغل. [8] البكري: المهاز. [9] البكري: ولج الحنا. [10] ص ع: العلوي. [11] انظر تفصيل الخبر عن هذه الكائنة في البيان المغرب 3: 229 (تطوان) .
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 135