اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 129
وتجلب إليهم الذرة وسائر الحبوب من بلاد السودان، ويلبسون الثياب المصبغة من القطن والصوف وغير ذلك، وملكهم يلبس عمامة حمراء وقميصاً أصفر، ودنانيرهم تسمى الصلع لأنها ذهب محض غير مختومة، ونساؤهم فائقات الجمال لا يعدل بهن نساء بلد حسناً، والزنا عندهم مباح وهن يتلقين التجار إذا أقبلوا إلى بلدهم ويتقارعن على الرجل أيتهن تحمله إلى منزلها، وبين تادمكة وغانة نحو خمسين مرحلة، وبينهما مدن وعمائر للسودان والبربر. تاكررت[1] :
قلعة منيعة بينها وبين تلمسان مسيرة يوم بها تحصن يغمراسن بن زيان صاحب تلمسان من بني عبد الوادي في سنة ست وأربعين وستمائة حين توجه إليه ملك المغرب علي بن أبي العلا ابن المنصور بن يوسف بن عبد المؤمن صاحب مراكش الملقب بالسعيد وصعد إليه فقتل علي هنالك وذهبت محلته وفسد أمره واختلت حاله كلها، وربما أوردت طرفاً من خبره في ذكر تلمسان.
تاكرنا [2] :
مدينة بالأندلس بمقربة من استجة، وهي مدينة أولية إليها تنسب الكورة وبها بلاط من بنيان الأول لم يتغير. وإقليم تاكرنا منضاف إلى إقليم استجة، ومن مدن تاكرنا مدينة رندة وهي قديمة ولها آثار كثيرة، وسنذكرها في موضعها إن شاء الله تعالى.
تامسنا [3] :
إقليم تامسنا في بلاد المغرب، وهناك مات الحسن بن علي بن يحيى بن تميم بن المعز الصنهاجي صاحب المهدية سنة ست وستين وخمسمائة وكان انتقل إلى المغرب بأهله وولده فمات بإقليم تامسنا بموضع يقال له ابارزلو [4] وسكن المهدية ثمانية أعوام أو نحوها تحت لواء الموحدين.
تبالة [5] :
في الحجاز في طريق مكة من اليمن وبينهما أربع مراحل، وهي قرية صغيرة وبها عيون متدفقة ومزارع ونخل وفيها مسجد جامع ومنبر والماء من العيون والآبار، وهي في أسفل أكمة من تراب، وفيها جاء المثل: " أهون من تبالة على الحجاج " وكانت أول عمل وليه، فلما جاءها قيل له هي خلف هذه الأكمة، فقال: لا خير في بلدة تسترها هذه الأكمة، وولى راجعاً.
وكان بتبالة في الجاهلية صنم لدوس وخثعم وبجيلة ومن كان ببلادهم من العرب يقال له ذو الخلصة، وقال الشاعر [6] :
لو كنت يا ذا الخلص الموتورا ... مثلي وكان شيخك المقبورا ... لم تنه عن قتل العداة زورا ... وكان أبوه قتل فأراد الطلب بدمه فأتى ذا الخلصة فاستقسم عنده بالأزلام فخرج السهم بنهيه عن ذلك فقال هذه الأبيات.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم استعمل عكرمة على صدقات عامر فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم [7] انحاز إلى تبالة في أناس من العرب ثبتوا على الإسلام فكان مقيماً بتبالة من أرض كعب بن ربيعة فجاءه كتاب أبي بكر رضي الله عنه، وكان أول بعث بعثه إلى أهل الردة، أن سر في من قبلك من المسلمين إلى أهل دبا فسار إليهم، الخبر بطوله.
تبسا [8] :
من بلاد إفريقية بقرب وادي ملاق، مدينة قديمة أزلية فيها آثار كثيرة للأول ومبان عجيبة ما بإفريقية بعد قرطاجنة أعظم منها، وبها دار ملعب قد تهدم أكثره أغرب ما يكون من البناء، وفيها هيكل يظن الرائي له أنه كما رفعت اليد عنه ما تكاد تعرف الفرق بين أحجاره، ولو غرزت الإبرة بين حجرين من حجاره ما وجدت منفذاً، وفي داخله أقباء معقودة وبعضها فوق بعض وبيوت تحت الأرض وأدراج كثيرة ولها منظر هائل، ويقال إن ذلك الهيكل كان لاستنزال الروحانيات لأن فيه أثر الدخن وفيه صور جميع الحيوانات وصور شاذة لا يعلم ما هي، وفي وسط المدينة هيكل عظيم مبني على سواري رخام، وقد صور [1] لعلها هي التي ترد عند أبي زيد ابن خلدون 1: 21 باسم تاجرارت، فالكاف هنا جيم مصرية النطق، وفي تاريخ عبد الرحمن بن خلدون 7: 82 تامزردكت؛ وفي ص ع: تاكرت. [2] بروفنسال: 62، والترجمة: 78. [3] ابن خلدون 6: 162. [4] ص: ابازراو، واللفظة عند ابن خلدون ((اباررلو)) . [5] بعضه عن نزهة المشتاق: 54؛ وانظر ياقوت ومعجم ما استعجم في مادة ((نبالة)) . [6] هو امرؤ القيس: انظر ياقوت ((الخلصة)) . [7] ابن سعد 5: 444، وياقوت (دبا) . [8] البكري: 49، 145، والمؤلف ينقل عن الاستبصار: 162.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 129