اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 118
فسئل عن أمره فقال: أمرني مروان إذا هو قتل أن أضرب رقاب بناته ونسائه فلا تقتلوني فإنكم والله إن قتلتموني ليفقدن ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا له: انظر ما تقول، قال: إن كذبت فاقتلوني، هلموا فاتبعوني، فأخرجهم من القرية إلى موضع رمل فقال: اكشفوا هاهنا، فكشفوا فإذا البرد والقضيب وقعب ومخصر قد دفنها مروان لئلا تصير إلى بني هاشم، فوجه بها عامر بن إسماعيل إلى عبد الله بن علي، فوجه بها عبد الله بن علي إلى أبي العباس السفاح فتداولتها خلفاء بني العباس إلى أيام المقتدر، فيقال إن البرد كان عليه يوم قتل. ثم وجه عامر بن إسماعيل ببنات مروان وجواريه والأسارى إلى صالح بن علي، فتكلمت ابنة مروان الكبرى فقالت: يا عم أمير المؤمنين حفظ الله لك من أمرك ما تحب حفظه وأسعدك في الأمور كلها بخواص نعمه وعلمك بالعافية في الدنيا والآخرة، نحن بناتك وبنات أخيك وابن عمك فليسعنا من عدلكم ما وسعكم من جورنا، قال: إذاً لا نستبقي منكم أحداً رجلاً ولا امرأة، قالت: يا عم أمير المؤمنين فليسعنا عفوكم إذاً، قال: أما العفو فنعم قد وسعكم، فإن أحببت زوجتك من الفضل بن صالح بن علي وزوجت أختك من أخيه، قالت: يا عم أمير المؤمنين وأي أوان عرس هذا فلتلحقنا بحران، قال: أنا أفعل ذلك إن شاء الله تعالى، فألحقهن بحران.
واتصل بأبي العباس السفاح ما كان من عامر بن إسماعيل وقتله لمروان ببوصير وقد قيل إن ابن عم لعامر يقال له نافع قتله في تلك الليلة في المعركة وهو لا يعرفه وان عامراً لما احتز رأسه واحتوى على عسكره دخل الكنيسة التي كان فيها مروان فقعد على فرشه وأكل من طعامه، فخرجت إليه ابنة مروان الكبرى وتعرف بأم مروان، فقالت: يا عامر، إن دهراً أنزل أمير المؤمنين عن فرشه حتى أقعدك عليه فأكلت من طعامه واحتويت على أمره وحكمت في مملكته لقادر أن يغير مآربك، فاغتاظ السفاح من ذلك وكتب إليه: ويلك، أما كان لك في أدب الله عز وجل ما يزجرك عن أن تأكل من طعام مروان وتقعد على مهاده وتتمكن من وساده!! أما والله لولا أن أمير المؤمنين تأول ما فعلت على غير اعتقاد منك لذلك والشهوة لمسك من غضبه وأليم أدبه ما يكون لك زاجراً ولغيرك واعظاً، فإذا أتاك كتاب أمير المؤمنين فتقرب إلى الله عز وجل بصدقة تطفئ بها غضبه وصلاة تظهر بها الاستكانة وصم ثلاثة أيام ومر جميع أصحابك أن يصوموا مثل صيامك. فلما جيء برأس مروان ووضع بين يدي أبي العباس السفاح سجد فأطال ثم رفع رأسه فقال: الحمد لله الذي لم يبق ثأري قبلك وقبل رهطك، الحمد لله الذي أظفرني بك وأظهرني عليك، ثم قال: ما أبالي متى طرقني الموت وقد قتلت بالحسين وبني أبيه من بني أمية مائتين وأحرقت شلو هشام بابن عمي زيد بن علي وقتلت مروان بأخي إبراهيم، وتمثل:
لو يشربون دمي لم يرو شاربهم ... ولا دماؤهم جمعاً ترويني ثم حول وجهه إلى القبلة فأطال السجود ثم جلس وقد أسفر وجهه وتمثل بقول العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه من أبيات له:
أيا قومنا إن تنصفونا فأنصفت ... قواطع في أيماننا تقطر الدما
تدرين من أشياخ صدق تقدموا ... بهن إلى يوم الوغى متقدما
إذا خالطت هام الرجال تركنها ... كبيض نعام في الوغى قد تحطما
بوصا:
جزيرة بأرض الهند أهلها ألوانهم إلى البياض، وفي نسائهم جمال، وفيهم نجدة وبأس شديد. وربما قطعوا على الناس في مراكب لهم سابقة في الجري؛ وإنما يفعلون ذلك إذا كانوا مع الصينيين في خلاف ولم تكن بينهم هدنة. بومنجكث[1] :
هي أعظم مدن أشروسنة، وهي مدينة جليلة، وينزلها الولاة والعمال، وعليها سور حصين ولها في وسطها نهر كبير عليه أرحاء. ومعظم أسواقها في الربض الخارج عنها، وسور الربض مشتمل على ثلاثة أميال، وعلى ذلك بساتين وزروع وكروم، ولها مسجد جامع. وموضع هذه المدينة في ظهر جبل من اشروسنة وبومنجكث قاعدتها.
بوشنج (2)
من مدن هراة، وهي في القدر نصف هراة. وهراة في مستو من الأرض وفيها من المدن خركود وغيرها. وبوشنج نصف مدينة هراة ومنها إلى الجبل نحو فرسخين، وإذا [1] نزهة المشتاق: 216، وابن حوقل: 413 - 414 بومجكث.
(2) نزهة المشتاق: 142، وابن حوقل: 368.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 118