اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 117
راية راية يحرضهم ويهزهم بأحسن ما فيهم ويكلمهم، وأنصف في القول والفعل، وخالط الناس في المكروه والمحبوب، فلم يستطع أحد أن يعيب له قولاً ولا عملاً، وانه ليحضهم إذ شدت كتيبة من العجم على الميسرة فيها بكر وكندة، فقال المثنى: إن الخيل تنكشف ثم تكر، يا معشر طيء الزموا مصافكم واغنوا ما يليكم واعترض الكتيبة التي كشفتهم بخيل كانت معه فمنعهم من اتباعهم وقاتلهم فثارت عجاجة بينهم ورجع أهل الميسرة فأقبلت الميمنة نحو المثنى وقد انكشف العدو عنه وسيفه بيده وقد جرح جراحات وهو يقول: اللهم عليك تمام النصر، هذا منك فلك الحمد، وكانت هزيمة المشركين فاتبعهم المسلمون حتى انتهوا إلى نهر بني سليم، ثم كروا على المسلمين وركدت الحرب بينهم ملياً فما تسمع إلا هرير الرجال وحمل المثنى على مهران فأزاله حتى دخل في ميمنته، ثم خالطوهم واجتمع القلبان وارتفع الغبار والمجنبات تقتتل لا يستطيعون أن يفرغوا لنصر أميرهم لا المسلمون ولا المشركون وأوجع قلب المسلمين في قلب المشركين والمجنبات قد هد بعضها بعضاً، فلما رآه المسلمون قد أزال القلب وأفنى أهله قويت مجنبات المسلمين على المشركين وجعلوا يردون الأعاجم على أدبارهم، وجعل المثنى والمسلمون في القلب يدعون لهم بالنصر ويرسل إليهم من يذمرهم ويقول: إن المثنى يقول لكم عادتكم في أمثالهم، انصروا الله ينصركم حتى هزموا القلب ودارت بينهم رحى الحرب [1] ، وأخذت جرير بن عبد الله رضي الله عنه الرماح فنادى: واقوماه، أنا جرير، فقاتلت عنه جماعة من قيس حتى خلص، وأحصي يومئذ مائة من المسلمين قتل كل واحد منهم عشرة في المعركة، وأبصر جرير بن عبد الله رضي الله عنه مهران يقاتل فحمل عليه جرير والمنذر بن حسان فقتلاه، طعنه المنذر فأرداه عن دابته وقد وقذه فنزل إليه جرير رضي الله عنه فاحتز رأسه، وقيل في قتله غير هذا، وهزم المشركون فأتوا الفرات فاتبعهم المسلمون فانتهوا إلى الجسر وقد عبرت طائفة من المشركين الجسر فحالوا بين الباقين وبينه فأخذوا يميناً وشمالاً فقاتلهم المسلمون حتى أمسوا واقتحم طائفة الفرات فغرق بعضهم ونجا بعض، ورجع المسلمون عنهم حين أمسوا فلما أصبحوا عقدوا الجسر وأكثروا القتل فيهم حتى جعلوهم جثاً فما كانت وقعة أبقى رمة منها، وكانوا يحزرونها مائة ألف. ز رأسه، وقيل في قتله غير هذا، وهزم المشركون فأتوا الفرات فاتبعهم المسلمون فانتهوا إلى الجسر وقد عبرت طائفة من المشركين الجسر فحالوا بين الباقين وبينه فأخذوا يميناً وشمالاً فقاتلهم المسلمون حتى أمسوا واقتحم طائفة الفرات فغرق بعضهم ونجا بعض، ورجع المسلمون عنهم حين أمسوا فلما أصبحوا عقدوا الجسر وأكثروا القتل فيهم حتى جعلوهم جثاً فما كانت وقعة أبقى رمة منها، وكانوا يحزرونها مائة ألف.
بورة [2] :
مدينة على ضفة البحر الهندي، وهي آخر بلاد الكفرة الذين لا يعتقدون شيئاً بل يدهنون الأحجار بدهن السمك ويسجدون لها فهذه عبادتهم، وهي كثيرة النخل والتجارات متصلة العمارات وافرة الحنطة وبها أرز وشجر مقل شهي للأكل.
بويرة [3] :
مدينة عظيمة من مدن الأفرنج، قالوا: ولهم من المدن نحو من مائة وخمسين مدينة غير العمائر والكور، وقد كانت مملكتهم قبل ظهور الإسلام بإفريقية وصقلية واقريطش. والافرنجة أكثر الناس عدة وأحسنهم انقياداً لملوكهم وأكثرهم مدناً، والافرنجة والصقالبة والنوكبرد وأشبان ويأجوج ومأجوج والترك والخزر وبرجان واللان والجلالقة كل هؤلاء من ولد يافث بن نوح.
وبويرة [4] أيضاً في تيماء، قالوا: أحرق رسول الله صلى الله عليه وسلم نخل بني النضير وقطع زهو البويرة فنزل الله تعالى: " ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله " وقال حسان:
لهان على سراة بني لؤي ... حريق بالبويرة مستطير بوصير[5] :
قرية من قرى الفيوم بصعيد مصر، إليها انهزم مروان بن محمد بن مروان بن الحكم آخر خلفاء بني أمية فقتله عامر بن إسماعيل من أهل خراسان سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وكان قال حين وصل إلى بوصير: نحن ببوصير والى الله المصير. وكان صالح بن علي دخل في طلب مروان ومعه عامر بن إسماعيل المذحجي فلحقوه بمصر وقد نزل بوصير فهجموا على عسكره وضربوا الطبول وكبروا ونادوا: يا ثارات إبراهيم، فظن من في عسكر مروان أن قد أحاط بهم سائر المسودة فقتل مروان، قتله عامر بن إسماعيل وأراد الكنيسة التي فيها بنات مروان ونساؤه فإذا بخادم لمروان شاهر السيف يريد الدخول عليهن، فأخذوا الغلام [1] ص ع: القلب. [2] في نزهة المشتاق: 22 بروة. [3] البكري (ح) : 138، 137. [4] معجم ما استعجم 1: 285. [5] مروج الذهب 6: 76، وصبح الأعشى 3: 377.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 117