اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 100
طابت بطيب نهاره آصاله ... وتعطرت بنسيمه أشجاره
أما السرار فقد عداه وهل سوى ... قمر السماء يزول عنه سراره
قد كان يشرق بالهداية ليله ... والآن أظلم بالضلال نهاره
ودجا به ليل الخطوب فصبحه ... أعيى على إبصاره إسفاره ومما صدر عن الكاتب أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن الابار في ذلك قوله من رسالة: وأما الأوطان المحبب عهدها بحكم الشباب، المشبب فيها بمحاسن الأحباب، فقد ودعنا معاهدها وداع الأبد، وأخنى عليها الذي أخنى على لبد، أسلمها الإسلام، وانتظمها الانتثار والاصطلام، حين وقعت أسعدها الطائرة، وطلعت أنحسها العاثرة فغلب على الجذل الحزن، وذهب مع المسكن السكن.
كزعزع الريح صك الدوح عاصفها ... فلم يدع من جنى فيها ولا غصن
واهاً وآهاً يموت الصبر بينهما ... [1] موت المحامد ببن البخل والجبن أين بلنسية ومغانيها، وأغاريد ورقها وأغانيها، أين حلى رصافتها وجسرها، ومنزل عطائها ونصرها، أين أفياؤها تندى غضارة، وذكاؤها تبدو من خضارة، أين جداولها المنساحة وخمائلها، أين جنائنها النفاحة وشمائلها، شد ما عطل من قلائد أزهارها نحرها، وخلعت شعشعانية الضحى بحيرتها وبحرها فأية حيلة لا حيلة في صرفها مع صرف الزمان، وهل كانت حتى بانت إلا رونق الحق وبشاشة الإيمان،، ثم لم يلبث داء عقرها أن دب إلى جزيرة شقرها، فأمر عذبها النمير، وذوى غصنها النضير، وخرست حمائم أدواحها، وركدت نواسم أرواحها، ومع ذلك اقتحمت دانية، فنزحت قطوفها وهي دانية،،ويا لشاطبة وبطحائها، من حيف الأيام وأنحائها، والهفاه على تدمير وتلاعها، وقرطبة وبواديها، وحمص وواديها، كلها رعي كلؤها ودهي بالتفريق والتمزيق ملؤها، فأغص الحصار أكثرها، وطمس الكفار عينها وأثرها وتلك إلبيرة بصدد البوار، وريه في مثل حلقة السوار، ولا مرية في المرية وخفضها على الجوار، إلى بنيات لواحق بالأمهات، ونواطق بهاك لأول ناطق بهات، ما هذا النفخ بالمعمور، أهو النفخ في الصور، أم النفر عارياً من الحج المبرور فيا للأندلس أصيبت بأشرافها، ونقصت من أطرافها، قوض عن صوامعها الأذان، وصمت بالنواقيس فيها الأذان، أجنت ما لم تجن الأصقاع، أعقت الحق فحاق بها الإيقاع، كلا بل دانت للسنة، وكانت من البدع في أحصن جنة، هذه المروانية مع اشتداد أركانها وامتداد سلطانها، ألقت حب آل النبوة في حبات القلوب، وولت ولم تظفر من خلعة ولا نقلة بمطلوب [2] ، إلى المرابطة بأقاصي الثغور، والمحافظة على معالي الأمور، والركون إلى الهضبة المنيعة، والروضة المريعة، من معاداة الشيعة وموالاة الشريعة، فليت شعري بما استوسق تمحيصها، ولم يعلق بعموم البلاء تخصيصها. اللهم غفراً طال ما ضر ضجر، ومن الأنباء ما فيه مزدجر، جرى بما خط في اللوح المقدور، فما عسى أن ينفث المصدور، وربنا الحكيم العليم، فحسبنا التفويض والتسليم. ويا عجباً لبني الأصفر، أنسيت يوم الصفر [3] ورميها يوم اليرموك بكل أغلب غضنفر، دع ذا فالعهد به بعيد، ومن اتعظ بغيره فهو سعيد، هلا تذكرت العامرية وغزواتها، وهابت العمرية وهبواتها.
ومما قاله في ذلك من المنظوم قصيدته السينية التي أولها:
أدرك بخيلك خيل الله أندلسا ... يقول فيها:
يا للجزيرة أضحى أهلها جزرا ... للحادثات وأمسى جدها تعسا
يا للمساجد عادت للعدى بيعاً ... وللنداء يرى أثناءها جرسا [1] ما بين معقفين في هذا النص سقط من ص ع وزدناه من بروفنسال. [2] بروفنسال: وألوت ... ولا قلعة. [3] يعني مرج الصفر حيث قهر الروم في فتح الديار الشامية.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 100