اسم الکتاب : الأعلاق الخطيرة في ذكر أمراء الشام والجزيرة المؤلف : عز الدين ابن شداد الجزء : 1 صفحة : 93
الرملة واللد قال هشام بن محمد الكلبي: سمّيت فلسطين بفلسطين بن كسلوخيم من بني يافث بن نوح.
وكانت قصبته أولاً لدّ. ولم تزال على هذا الشأن إلى أن " ولى الوليد بن عبد الملك أخاه سليمان جند فلسطين، فنزل لُد، ثم أحدث مدينة الرملة، ومصرها، واختلط مسجدها. وكان في موضعها " رملة ". فبقي على المدينة اسمها، وصارت القصبة وخربت " لُدّ ".
طولها: ستّ وثلاثون درجة وخمس عشرة دقيقة. وعرضها: أربع وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة. طالعها برج النور. صاحب ساعة بنائها عطارد.
لم تزل الرملة مذ مصرت عامرة الأسواق. ودارّة الأرزاق. ينتابها السّفّار. ويحط بها التجار. إلى أن جاءتها زلزلة، في العاشر من جمادى الأولى سنة ستين وأربعمائة هدمت دورها، وشقَّت سؤرها، وعفت الآثار. وأطلعت الماء من الآبار. وانشقت منها صخرة بيت المقدس والتأمت. فانتقلت أكثر أهل " الرملة " بعدُ إلى " إليا " فعمروها، ومصروها.
ولم تزل " الرملة " تنتقل في أيدي الولاة بتنقل الجّند منذ فتحت إلى صارت في أيدي العبيديين.
ولم تزل في أيديهم إلى أن خرج مفرج ابن الجراح على العزيز وخلع طاعته، في سنة إحدى وستين وثلاثمائة وتغلب على فلسطين وبلاده.
وبقيت في يده إلى أن خرج إليه من مصر بلتكين التركي فأخرجه من الرملة، ولم تزل بعد في أيدي العبيدين إلى أن قصده أتسز بن أوق التركي في سنة ثلاث وستين وأربعمائة الرملة، فملكها وولى فيها.
ولم تزل في يده إلى أن خرج إليه نصير الدولة بعسكر من مصر، فاستعادها وقصد دمشق مُحاصراً لها، فحاصره فيها، فاستنجد بتاج الدولة تتش صاحب حلب يومئذ، فسار إليه، فلما بلغ نصير الدولة مسيرة رحل عن دمشق، وذلك في سنة إحدى وسبعين وأربعمائة.
ثم أن تاج الولة قتل أتسز وملك دمشق وسار إلى الرَّملة، فملكها وولى فيها.
ولم تزل في يده إلى أن قصدها عسكر من مصر مقدمه منير الدولة، فاستعادها في سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة. ولم تزل في أيديهم إلى أن حاصرها الفرنج، وأخذوها في سنة إحدى وتسعين.
ولم تزل في أيديهم إلى أن ملكها وملك معها " لُدّ " الملك الناصرُ صلاح الدين، يوم الأربعاء ثالث شهر رمضان، سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة.
ولم تزل في يده إلى أن وقعت الهدنة بينه وبين الفرنج في سنة ثمان وثمانين، فنزل لهم عن بلادٍ، وجعل " لد " و " الرملة " بينه وبينهم مناصفة.
ولم تزل على ذلك أيام العزيز، والأفضل، والعادل، والمعظم، والكامل، إلى أن ملك ولده العادل، فنقضوا هذه المناصفة، وتغلبوا عليهما.
وبقيتا في أيديهم إلى أن فتحها مولانا السلطان الملك الظاهر ركن الدنيا والدّين بيبرس الصالحي، في سنة أربع وستين، فعمر الرملة وصير لها هملاً وولى فيها عاملا وقاضيا، وقواها وصيرها مصراً، وجمع إليها الناس من كل قطرٍ، وأسكنهم فيها، وأنزلهم في نواحيها.
إيلياء
وهي مدينة بيت المقدس مبدأ بنائه قرأت في كتاب " الكامل في التاريخ ": " قيل: أصاب الناس في زمن داود عليه السلام طاعون جارف، فخرج بهم إلى موضع بيت المقدس. وكان يري الملائكة تعرج منه إلى السماء " فلهذا قصده ليدعوه فيه. فلما وقف موضع الصخرة دعا " الله تعالى في كشف الطاعون فاستجاب له فاتخذ ذلك الموضع مسجداً. وكان الشروع في بنائه لإحدى عشرة سنة خلت من ملكه. وتوفي قبل أن يتم بناؤه. وأوصى ولده سليمان بإتمامه وقتل القائد الذي قتل أخاه ايشا بن داود.
فلما توفي ودفن تقدّم لإنفاذ أمره، فقتل القائد، واستلم بناء المسجد، فبناه بالرخام، وزخرفه بالذهب ورصعه بالجواهر، قوي على ذلك جميعه بالجنّ والشياطين ".
فلما تم بناؤه اتخذ يوم الفراغ منه عيداً عظيماً وقرب قربانا فتقبله الله منه.
وقيل: إن سليمان هو الذي ابتدأ بعمارته. وكان داود أراد أن يبنيه. فأوحى الله إليه أن هذا البيت مقدس. وانك قد صبغت يدك بالدماء فلست بانيه. ولكن ابنك سليمان يبنيه لسلامته من الدماء فلما ملك سليمان بناه.
وقرأت في " كتاب الأخبار الطوال " تأليف أبي حنيفة أحمد بن داود الدينوري - رحمه الله -:
اسم الکتاب : الأعلاق الخطيرة في ذكر أمراء الشام والجزيرة المؤلف : عز الدين ابن شداد الجزء : 1 صفحة : 93