اسم الکتاب : الأعلاق الخطيرة في ذكر أمراء الشام والجزيرة المؤلف : عز الدين ابن شداد الجزء : 1 صفحة : 181
وملك بعده ولده فخر الدين قرا أرسلان، وقصده أتابك فأخذ حاني وجبل جور والسيوان وأرقنين وجرموك وجميع تلك الولاية. ووقع الخُلفُ بين أتابك والسعيد حسام الدين.
وفي سنة إحدى وأربعين وخمس مائة شرع السعيد حسام الدين في بناء جسر القرمان بالقيطوم بتولي الزاهد أبي الحسن علي، وأسس قواعده من الجانبين، فجاء المدُّ فهمه لضعف عمله، فألزم الزاهد الغرامة.
ثم وليهُ سيف الدين شير باريك مودود بن علي بن أُرتق، وابتدأ في عمارته بتولي أبي " الخير " بن الحكيم الغاسول فعمله إلى سنة ثمان وأربعين وخمس مائة، وبقي منه شيء يسير.
وفي ليلة الاثنين ثاني عشر ربيع الأول منها انهدم الجامع، ووقع مكان المنبر والأروقة، فهَدم الباقي منه، ثم أمر بتجديده، فأُصلح إصلاحا حسنا.
ذكر وفاة السعيد حسام الدين
ولم يزل السعيد حسام الدين مالكا ميافارقين مستقلا إلى أن تُوفي يوم الخميس ثاني ذي القعدة من سنة ثمان وأربعين وخمس مائة بماردين ودُفن بها. وكان مرضه أياما.
ذكر نُّوابه بميافارقين
وليها الحاجبُ أبو بكر وبيرم وعثمان - بنو خمرتاش -. وليها الحاجب بير مرتين، ولك واحد من أخويه مرة.
ثم وُلي الحاجب عبد الكريم بن علي ثم عُزل.
ووُلي الحاجب يوسف ينال ثم عُزل. وأُعطي قلعة سرجة فأخذها منه اتابك زنكي.
ثم وُلي مملوكٌ كان للأمير يسمى قزا أُغلي مدة، ثم مات.
وجلس في القصر الأمير قايماز الخادم والحاجب بيرم مدة.
ووُلي الحاجب برنقش الحُسامي وعُزل.
ووُلي يوسف ينال - ثانيا - وبقي في الولاية إلى يوم الجمعة ثالث رجب من سنة تسع وثلاثين وخمس مائة، ومات بها، ودُفن بها أيضا.
ثم وليها ناصر الدولة صندلُ في ذي القعدة منها، وبقي إلى شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وأربعين، وعُزل.
ووُلي اسر سلار وبقي إلى آخر شهر ربيع الآخر من سنة ثلاث وأربعين، ومات بها، وبقي ولده.
ووُلي ينال بُرج المَلك.
وجلس الحاجب بيرم في القصر مدة.
ثم استقل ينال بالولاية إلى أن مات السعيد حسام الدين في التاريخ المقدم ذكره.
ذكر ملك نجم الدين ألبي بن السعيد حسام الدين تمرتاش بن إيلغازي بن سكمان بن أرتق ميافارقين
لما مات السعيد حسام الدين تمرتاش بن إيلغازي بماردين ملكها بعده ولده نجم الدين إلبي. ثم سيّر من يومه سعد الدولة ألتونتاش إلى ميافارقين، فوصلها وصبَّحها صبيحة نهار الجمعة، وجاء إلى باب المدينة، فدخل وقصد باب القصر ليُستأذن له. ثم صعد خلف الداخل يستأذن له إلى بُرج الملك. ودخل الرجل إلى ينال وسعد الدولة خلفه، فقام إليه ولقّبه، وأصرف مَنْ عنده، وأعلمه بالحال، وبموت الأمير، وأن الملك بعده ولده نجم الدين. فنفذ وأحضر أكابر الأمراء، والقاضي، وقرَّر الحال، ونزل الخطيب، وخطب بالناس، ودعا لنجم الدين ولم يكن عند أكثر الناس خبرٌ من ذلك. ولم تنفسخ على نجم الدين حالٌ، وملك جميع ولاية أبيه، ولم يختلف عليه أحدٌ من اخوته ولا غيرهم، ولم يعصَ عليه موضعٌ، وراسل جميع الجوانب واستحلفهم، وراسلوه وعزُّوه في أبيه.
وأظهر نجم الدين العدل والإحسان، ولقي الناس منه خيرا كثيرا، وسار بهم أحسن سيرة، ولم يُرَ ملكٌ أعفُّ منه عن أموال الرعية وحرمهم إلى أن مات في تاريخ لم يحقق.
وولي بعده قطب الدين إيل غازي ثم مات.
" وملك بعده ولده حسام الدين يولق، وهو طفلٌ، فقام بتربيته وتدبير ملكه نظام الدين ألبقش - مملوك أبيه -. وكان شاه أرمن - صاحب خلاط خالَ قطب الدين - فحكم في دولته بعد موته، وهو رتّب ألبقش مع ولده.
وكان ألبقش ديِّنا خيِّرا عادلا، حسن السِّيرة، حليما، فأحسن تربية الولد، وتزوج أمه. فلما كبر الولد لم يُمكِّنه النِّظام أُلبقش من مملكته لهوج كان فيه.
وكان للنِّظام مملوك اسمه لؤلؤ قد تحكّم في دولته، فكان يحملُ النظام على ما يفعله مع الولد، ولم يزل كذلك إلى أن مات الولدُ.
اسم الکتاب : الأعلاق الخطيرة في ذكر أمراء الشام والجزيرة المؤلف : عز الدين ابن شداد الجزء : 1 صفحة : 181