اسم الکتاب : الأعلاق الخطيرة في ذكر أمراء الشام والجزيرة المؤلف : عز الدين ابن شداد الجزء : 1 صفحة : 137
بناها دارا بن دارا - آخر ملوك الطبقة الثانية من الفرس -، وهو الذي قتله الإسكندر، وكان ملكه أربع عشرة سنة.
طولها: خمس وسبعون درجة، وخمس عشرة دقيقة.
عرضها: سبع وثلاثون درجة، وعشر دقائق.
طالعها: برج الميزان.
صاحب ساعة بنائها المشتري.
لم تزل تنتقل في أيدي من يلي ديار ربيعة إلى أن انفردت نصيبين بنفسها، فصارت مضافة إليها في الولاية، إلى أن قتل كربوقا محمد بن شرف الدولة لما أخذ منه نصيبين فلما مات كربوقا في سنة خمس وتسعين وأربعمائة ملك شمس الدولة جكرمش نصيبين، وملك سقمان بن أرتق دارا وحصن كيفا ولم تزل في يده إلى أن ملكها من بني أرتق عماد الدين - ابن عم الملك الصالح - صاحب آمد.
فلما قصد الملك المعظم مظفر الدين - صاحب إربل - حصار الموصل في سنة ست عشرة وستمائة، وجاءه الملك الأشرف إلى الموصل ومعه ملوك الشرق لنجدة عسكر الموصل وكان " من " جملة الملوك، الملك الصالح - صاحب آمد -.
فشكا للملك الأشرف من سوء مجاورة ابن عمه عماد الدين في دارا فقال له: لاأدخل بينكما.
فقبض عليه وأخذ منه دارا في سنة سبع عشرة. واستمرت في ملكه إلى أن توفي في سنة تسع عشرة وانتقلت مملكته إلى ولده اللمك المسعود، فأخذ الملك الأشرف دارا لكونها مجاورة لصيبين وأعطاها لملوكه عز الدين أيبك المعروف بصاحب دارا واستمرت في ولايته إلى أن قتله الخوارزمية في خلاط وكان بها نائبا عن الملك الأشرف عندما أخذوها في سنة سبع وعشرين. ووليها ولده صلاح الدين محمد، وبقي فيها إلى أن توفي الملك الأشرف سنة خمس وثلاثين وستمائة. فصارت إلى الملك الصالح نجم الدين أيوب ابن الملك الكامل فاستولت عليها الخوارزمية عندما تغلبوا على البلاد التي كانت يف يده من أرض الجزيرة. ولم تزل في أيديهم إلى أن قصدهم عسكر الملك الناصر - صاحب حلب - في صفر سنة ثمان وثلاثين وستمائة، فكسروه، واسروا مقدم جيشه الملك المعظم فخر الدين توران شاه وجماعة من أمرائه. ثم التقاهم العسكر مرة أخرى في بقية السنة فكسرهم واستولى على ما كان بأيديهم من بلاد الجزيرة وتغلبوا، فقصد بدر الدين لؤل صاحب الموصل دارا وفيها الملك المعظم محبوس، فحاصرها، ونصب عليها المجانيق، وسير إلى الملك المعظم يسأله أن يتوسط بينه وبين نواب صاحبها دونلك، وشرط على نفسه ألا يعدل بدارا عنه إذا أخذها، فتوسط بينهما إلى أن تسلمها، وولى فيها، واخذ معه الملك المعظم إلى سنجار فأرغد عليه في الإنام والإكرام. ثم سأله أن يُنعم عليه بدارا فأجابه. ثم سار إلى الملك الناصر واستنجز له توقيعا بها. واستمرت في يده إلى أن اتفق " بدر الدين " لؤلؤ مع الملك الصالح نجم الدين أيوب - صاحب مصر - في سنة ستٍ وأربعين.
وقصد دُنيسر ورأس العين فنهبهما، واستصرخ صاحب ماردين بالملك الناصر فسير إليه عسكرا مقدمه الملك المعظم فخر الدين فكسر بدر الدين، واستعاد منه دارا، وخربها وسلم بلدها للملك السعيد نجم الدين غازي ابن الملك المنصور بن أرتق، ولم تزل في يده إلى أن توفي في سنة تسع وخمسين.
وملك بعده ولده الملك المظفر قرا أرسلان وهي في يده إلى عصرنا الذي وضعنا فيه هذا التاريخ. رأس العين
وهي مدينة في مستو من الأرض، أكبر من دارا. لها سور يشتمل على طواحين ومزارع وبساتين. وبها أكثر من ثلاثمائة عين جارية صافية، منها ما لا يعرف له قرار، وقد وُضع عليها شباك من حديد. تجتمع هذه المياه فتصير نهرا واحدا، ويجري على وجه الأرض ويعرف بنهر الخابور. يقع إلى قرقيسيا. فيكون عليه مقدار عشرين فرسخا قرى، منها ماهي كالمدن، وهي: عرابانُ، والمجدل، وماكسين.
ولعرابان سور منيع.
طالع رأس العين الدالي.
متولي ساعة بنائها المشتري.
طولها أربع وسبعون درجة.
عرضها ست وثلاثون درجة وخمسون دقيقة.
فقال البلاذري: لما فتح عياض بن غنم البلاد امتنعت عليه رأس العين ففتحها عمير بن سعد وهو إذ ذاك والي عمر " بن الخطاب - رضي الله عنه - " على الجزيرة بعد أن قاتل أهلها قتالا شديدا ودخلها المسلمون عنوة، ثم صالحهم بعد ذلك على أن دفعت الأرض إليهم، ووضعت الجزية على رؤوسهم، على كل رأس أربعة دنانير، ولم يسب نساءهم ولا أولادهم.
اسم الکتاب : الأعلاق الخطيرة في ذكر أمراء الشام والجزيرة المؤلف : عز الدين ابن شداد الجزء : 1 صفحة : 137